تتصاعد في السودان الأصوات المحيطة بقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الرافضة لمساعي وقف الحرب، في مؤشر إلى انقسام حاد داخل المؤسسة العسكرية حول مستقبل النزاع المستمر منذ أبريل 2023.
وفي أحدث تصريحات تصعيدية، قال جبريل إبراهيم، وزير المالية في حكومة البرهان، إن الجيش السوداني "سيعمل على استعادة السيطرة على مدينة الفاشر وكل المدن والقرى التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع"، مشيراً إلى أن تحركات الجيش نحو المدينة ستبدأ قريباً. وأضاف إبراهيم: "ليست هناك هدنة ولا تفاوض حالياً، لا بد من رد الصاع صاعين وبعد ذلك يمكن الحديث عن الهدنة".

وتتناغم هذه التصريحات مع موقف ياسر العطا، مساعد القائد العام للجيش السوداني المعروف بمواقفه المتشددة، والذي رفض مبادرة الرباعية الدولية لوقف إطلاق النار، والتي تضم الولايات المتحدة ومصر والإمارات والسعودية. وظهرت مقاطع فيديو للعطا توجه فيها انتقادات حادة للرباعية، واعتُبرت من قبل مراقبين "غير مسؤولة"، رغم جهود هذه الدول لدعم المدنيين السودانيين.
ويشير محللون إلى أن تصريحات إبراهيم والعطا تكشف عن انقسامات عميقة داخل الجيش والسلطة السودانية، إذ يوجد فريق يتمسك باستمرار الحرب، بينما أبدى مجلس الأمن والدفاع، وهو أعلى هيئة سياسية وعسكرية في البلاد، ترحيبه بالمبادرات الدولية لوقف النزاع وإنهاء معاناة المدنيين.
ويحذر مراقبون من أن هذا الانقسام قد يؤدي إلى إفشال أي مقاربات دبلوماسية، ويعقد جهود الرباعية الدولية لإرساء هدنة إنسانية في السودان. ويصفون العطا بأنه "جنرال متشدد" يستخدم مواقفه المتصلبة لتعزيز نفوذه الميداني والسياسي داخل الجيش، بينما يقف معسكر الإخوان المتحالف مع الجيش إلى جانبه، مستفيداً من استمرار النزاع لضمان السيطرة على مفاصل السلطة.
ويعكس هذا التفكك في صناع القرار العسكري والسياسي، الخلافات العميقة التي تهدد جهود إنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار، ويبرز مدى صعوبة التوصل إلى حلول سلمية وسط تشابك المصالح بين مختلف القوى المسلحة والمدنية في السودان.
أدانت أكثر من عشرين دولة حول العالم الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها جمهورية السودان، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوضع حد لما وصفته الأمم المتحدة بـ«الفظائع المروعة» ضد المدنيين، في ظل استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق واسعة من البلاد، خاصة في دارفور وكردفان.