دراسات وأبحاث

واشنطن تحث لبنان على تجفيف تمويل حزب الله ووقف النفوذ الإيراني

الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 - 12:13 ص
هايدي سيد
الأمصار

دعا جون هيرلي، وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، خلال زيارته إلى بيروت يوم الإثنين 10 نوفمبر 2025، السلطات اللبنانية إلى إنهاء النفوذ الإيراني الخبيث عبر حزب الله، مؤكداً أن الولايات المتحدة جادة للغاية في قطع مصادر تمويل الحزب من داعمته إيران.

وجاءت تصريحات هيرلي في إطار زيارة رسمية تضم وفداً أمريكياً برئاسة سيباستيان غوركا، نائب مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون مكافحة الإرهاب، بهدف الضغط على لبنان لتجفيف مصادر تمويل حزب الله وتجريد الحزب من سلاحه، في سياق جهود الإدارة الأمريكية لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.

جهود أمريكية لمكافحة تمويل حزب الله

وأوضح هيرلي، في مقابلة مع ثلاث وسائل إعلام من بينها وكالة فرانس برس، أن مفتاح استعادة الشعب اللبناني لبلده يكمن في إنهاء النفوذ الإيراني عبر حزب الله، مشدداً على أن الفترة الحالية حتى الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها العام المقبل تشكل فرصة سانحة للسلطات اللبنانية للتحرك بفعالية.

وقال المسؤول الأمريكي: «كنا صريحين للغاية مع الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام وكبار المسؤولين الآخرين بأن هناك فرصة سانحة الآن، خاصة في الفترة الممتدة حتى الانتخابات المقبلة». 

وأضاف أن الإدارة الأمريكية ترى ضرورة اتخاذ خطوات عملية ملموسة لمكافحة تدفق الأموال التي تدعم حزب الله من إيران.

ووصل الوفد الأمريكي إلى بيروت يوم الأحد، حيث التقى الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام وعدداً من كبار المسؤولين اللبنانيين، الذين أكدوا للوفد اتباع لبنان جميع الإجراءات المعتمدة لمكافحة تبييض الأموال وتهريبها. وأوضح هيرلي أن الإدارة الأمريكية جادة للغاية في قطع تمويل إيران لحزب الله، الذي تضرر من الحرب الأخيرة مع إسرائيل قبل نحو عام، والتي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة أمريكية.

العقوبات على حزب الله

وفي إطار هذه الجهود، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس الماضي عقوبات على ثلاثة أفراد من حزب الله متهمين بـ«تسهيل نقل عشرات ملايين الدولارات من إيران إلى الحزب خلال العام 2025 عبر مكاتب صيرفة». وأشارت الوزارة إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني حوّل منذ مطلع العام أكثر من مليار دولار إلى حزب الله، تم ذلك في الغالب عبر شركات صيرفة.

وردًا على سؤال حول أساليب نقل الأموال إلى الحزب، قال هيرلي: «أعتقد أن الكثير منها يتم نقداً، والكثير عبر الذهب، وبعضها عبر عملات مشفرة». وأوضح أن الوفد ناقش هذه المسألة مسبقاً مع سلطات الإمارات وتركيا قبل وصوله إلى بيروت، مضيفاً: «شهدنا تدفقات مالية كبيرة من هذين البلدين إلى لبنان من الحرس الثوري الإيراني، موجهة في النهاية إلى حزب الله، ونعمل مع السلطات المعنية لتطوير استراتيجيات مشتركة لوقف ذلك».

مطالب أمريكية بـ«أفعال حقيقية»

وخلال لقاءاته في بيروت، وجّه الوفد الأمريكي، وفق ما أفاد مسؤول لبناني للوكالة من دون الكشف عن هويته، رسالة «حازمة وواضحة» للسلطات اللبنانية، مطالباً إياها بأفعال حقيقية قبل نهاية العام. وتركزت هذه المطالب على مكافحة تبييض الأموال، محاربة الاقتصاد القائم على النقد، وإغلاق مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله، والتي تمنح قروضاً مقابل رهن الذهب وتخضع لعقوبات أمريكية.

وأكد هيرلي أن السلطات اللبنانية حققت بعض النجاح في وقف تدفق النقد والذهب في المطار، معرباً عن أمله في توسيع هذه الإجراءات لتشمل المرافئ والمعابر كافة. وأضاف: «نود رؤية تقدم ملموس خلال الشهرين المقبلين، لكننا نرى أن الإطار الزمني الفعلي يمتد من الآن وحتى موعد الانتخابات».

وبخصوص مؤسسة القرض الحسن، وصفها المسؤول الأمريكي بأنها «كيان مثير للقلق»، مؤكداً أن السلطات يجب أن تقاضي الأشخاص الذين ينتهكون القانون اللبناني والعقوبات الدولية باستخدام هذا الكيان لتمويل حزب الله.

 وشدد هيرلي على ضرورة اتخاذ خطوات عملية ملموسة لضمان توقف الحزب عن استخدام المؤسسات المالية لتأمين التمويل.

السياق الأمني والضغوط الإسرائيلية

وتأتي هذه التحركات الأمريكية بالتزامن مع استمرار الضغوط الإسرائيلية على حزب الله في جنوب وشرق لبنان. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين أنه قتل 15 عنصراً من الحزب، في غارات استهدفت مواقع ومخازن أسلحة تابعة له، أسفرت عن مقتل شخص آخر، في وقت تتواصل فيه الضربات الإسرائيلية ضد محاولات الحزب إعادة بناء قدراته العسكرية بعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو عام.

وشدد هيرلي على أن إزالة النفوذ الإيراني من لبنان ستمكّن الدولة اللبنانية من فرض سيادتها بشكل كامل، وستطمئن إسرائيل بأن لبنان لن يشكل تهديداً لها، معتبراً أن الوضع سيصبح أفضل للبنان إذا تم إبعاد النفوذ الخبيث لإيران عن البلاد.

التحديات المستقبلية

وأوضح المسؤول الأمريكي أن النجاح في تجفيف مصادر التمويل ومنع نقل الأموال من إيران إلى حزب الله يعتمد على التعاون الكامل مع السلطات اللبنانية. وأضاف أن الإدارة الأمريكية ستواصل متابعة تنفيذ الإجراءات المطلوبة، بما في ذلك وقف التدفقات النقدية والذهب، وضمان فعالية العقوبات على المؤسسات المالية التابعة للحزب، وملاحقة الأفراد المخالفين للقانون.

وأكد هيرلي أن استمرار التعاون الدولي، خاصة مع دول الجوار مثل الإمارات وتركيا، يعد عاملاً أساسياً في منع استخدام هذه الدول كقنوات لتدفق التمويل إلى حزب الله، معرباً عن أمله في أن تشهد الأشهر القادمة خطوات عملية ملموسة من جانب لبنان قبل الانتخابات المقبلة.

وختم هيرلي بالقول: «إذا نجحنا في إزالة النفوذ الإيراني وتمكين الدولة اللبنانية من ممارسة سيادتها، سنرى لبنان في وضع أفضل، وسنتمكن من طمأنة إسرائيل بعدم وجود تهديدات مستقبلية من الأراضي اللبنانية».