أكدت منظمة الصحة العالمية أن الأوضاع الصحية في قطاع غزة وصلت إلى مرحلة "انهيار كامل"، مشيرة إلى أن أكثر من 16 ألف مريض لا يزالون ينتظرون الإجلاء لتلقي العلاج في الخارج، وسط نقص حاد في الأدوية والإمدادات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات.
وقالت المنظمة في بيان رسمي، اليوم الإثنين، نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن آلاف المرضى في غزة بحاجة ماسة إلى عمليات جراحية عاجلة لا يمكن إجراؤها داخل القطاع بسبب تدمير البنية التحتية الصحية وانقطاع الكهرباء ونفاد الموارد الطبية.
ودعت منظمة الصحة العالمية إلى ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق عبر جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، مؤكدة أن استمرار إغلاق المعابر يفاقم الأزمة الصحية والإنسانية ويهدد حياة المرضى والجرحى المحاصرين داخل المستشفيات التي تعمل بأقل من طاقتها التشغيلية.
وشددت المنظمة على أهمية أن تستقبل مزيد من الدول الحالات الحرجة من المرضى والمصابين لتلقي العلاج خارج القطاع، مؤكدة أن فرقها الطبية وإمداداتها الجاهزة موجودة على الحدود بانتظار السماح بالدخول، وأن تسهيل عملية نقل المرضى أصبح "أولوية إنسانية قصوى".

ويأتي هذا التحذير الجديد من منظمة الصحة العالمية في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ أشهر، حيث أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جميع المنافذ والمعابر المؤدية إلى القطاع في 2 مارس الماضي عقب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، دون التوصل إلى اتفاق جديد لتثبيته.
ورغم التوصل إلى اتفاق مبدئي في 9 أكتوبر 2025 بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة مصرية – قطرية – أمريكية وبمشاركة تركية، فإن الوضع الميداني لا يزال متوترًا، إذ تواصل قوات الاحتلال شن غارات جوية وتوغلات محدودة في مناطق متفرقة من القطاع، ما أدى إلى تزايد أعداد الضحايا والمصابين.
وتتهم الجهات الإنسانية الدولية إسرائيل بمنع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والوقود ومستلزمات الإيواء، إلى جانب رفضها السماح بإدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وبدء إعادة الإعمار، ما جعل المستشفيات غير قادرة على استقبال الأعداد المتزايدة من الجرحى والمصابين.
وفي مايو الماضي، تمت استئناف جزئي لإدخال المساعدات عبر آلية جديدة تشرف عليها شركة أمنية أمريكية بالتنسيق مع سلطات الاحتلال، وهو ما أثار اعتراض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي اعتبرت الآلية مخالفة للاتفاقات الدولية المنظمة لعمل المساعدات الإنسانية في الأراضي المحتلة.
من جانبها، تواصل جمهورية مصر العربية وقطر والولايات المتحدة بذل جهود مكثفة لإحياء المفاوضات حول اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في غزة، يشمل تبادل الأسرى والمحتجزين وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، إلا أن تعقيدات الميدان والتوترات السياسية لا تزال تحول دون تحقيق تقدم ملموس حتى الآن.
ويؤكد مراقبون أن استمرار إغلاق المعابر وتأخر عمليات الإجلاء يضع حياة آلاف المرضى في خطر، في وقت يصف فيه مسؤولو الصحة الوضع الإنساني في غزة بأنه الأسوأ منذ عقود، مطالبين بتدخل دولي عاجل لإنقاذ ما تبقى من المنظومة الصحية في القطاع.