في إطار تصاعد الجهود الدولية لفرض هدنة إنسانية في السودان، شدد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، على ضرورة تلبية شروط صارمة قبل قبوله بأي اتفاق. وأكد مناوي أن موافقته على أي هدنة إنسانية مرهونة بانسحاب قوات الدعم السريع من المدن والمناطق السكنية والمستشفيات، بالإضافة إلى الإفراج عن المختطفين وضمان تأمين عودة النازحين إلى مناطقهم. وفي تغريدة نشرها على منصة إكس، حذر مناوي من أن أي اتفاق لا يلتزم بهذه الشروط قد يؤدي إلى تقسيم السودان، مؤكدًا أن حماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم يجب أن تكون في صلب أي اتفاق.
وتزامنت تصريحات مناوي مع تصعيد الجهود الدبلوماسية من جانب الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة في السودان. تسعى هذه الدول إلى وقف التصعيد العسكري بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وذلك لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في المناطق المتضررة من النزاع.
وفي 26 أكتوبر الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ما أدى إلى نزوح جماعي للآلاف من المدنيين، وزيّنت الأزمة الإنسانية في الإقليم. سيطرة الفاشر، التي تعد من المدن الاستراتيجية، أضافت مزيدًا من المخاوف من اتساع نطاق النزاع، خاصة مع تزايد التقارير حول الانتهاكات التي تعرض لها السكان المحليون.
منذ بداية الحرب في السودان في أبريل 2023، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، أسفرت المعارك عن سقوط الآلاف من القتلى والملايين من النازحين، وتدهور كبير في الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والكهرباء. في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية، تواجه المنظمات الإنسانية تحديات كبيرة في الوصول إلى المناطق المتأثرة، مما يجعل أي جهود لفرض هدنة أو مسار إنساني مستقر أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للمجتمع الدولي.
ذكر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مساء اليوم السبت، أن مدينة الفاشر في السودان تعيش كارثة إنسانية حقيقية، داعيًا إلى تحرك عاجل لوقف العنف وحماية المدنيين.
وأضاف المكتب أن المدينة شهدت خلال الأيام العشرة الماضية تصعيدًا خطيرًا في الهجمات الوحشية، مشيرًا إلى أن الفاشر تغمرها مشاهد الحزن والمعاناة، حيث يعيش المدنيون فظائع تفوق الوصف.
وأوضح البيان أن مئات الأشخاص قُتلوا في الفاشر، بينهم نساء وأطفال، فيما لجأ عدد كبير من الجرحى إلى المستشفيات، مؤكداً أن آلاف المدنيين، من بينهم أطباء وصحفيون، تعرضوا للاعتقال، بينما لا توجد طرق آمنة لمغادرة المدينة التي باتت تحت حصار خانق يهدد حياة من بقوا فيها.
وأكد مكتب حقوق الإنسان أن ما يجري في الفاشر ليس حالة من الفوضى، بل هجوم منهجي على الحياة الإنسانية والكرامة، مشيرًا إلى أن الهجمات كثيرًا ما تُرتكب على أسس عرقية.
وشدد المكتب على أنه يواصل توثيق الانتهاكات رغم انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول إلى المصادر، لافتًا إلى أن المساءلة هي السبيل الوحيد لمنع تكرار هذه الفظائع، وداعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لإنقاذ المدنيين في الفاشر.