حوض النيل

تصعيد عسكري في السودان بهجمات مسيّرة وقصف مدفعي على مواقع الجيش

السبت 08 نوفمبر 2025 - 01:05 م
غاده عماد
الأمصار

في تصعيد ميداني جديد يعكس هشاشة الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار في السودان، شنت قوات الدعم السريع سلسلة هجمات منسقة بطائرات مسيّرة على مواقع تابعة للجيش السوداني في مدن عطبرة وأم درمان، بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف على مدينة الدلنج، وذلك بعد يوم واحد فقط من إعلانها قبول هدنة إنسانية اقترحتها الوساطة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر.

بدأت الهجمات فجر الجمعة، حيث نفذت قوات الدعم السريع ضربات جوية باستخدام طائرات مسيّرة استهدفت مواقع عسكرية في عطبرة بولاية نهر النيل، وأم درمان بولاية الخرطوم. 

وأفاد شهود عيان بسماع دوي انفجارات عنيفة في أطراف عطبرة الشمالية والشرقية، وتصاعد أعمدة الدخان من مناطق القصف، بينما شوهدت سيارات الإسعاف وهي تنقل المصابين. وأغلقت السلطات المحلية الطرق المؤدية إلى الأحياء المتضررة، وطلبت من السكان البقاء في منازلهم. وفي أم درمان، حلقت طائرات مسيّرة قبيل الفجر فوق منطقتي كرري والثورة، حيث يُعتقد أنها استهدفت مواقع للجيش، وردت الدفاعات الأرضية بإطلاق نيران كثيفة، دون إعلان رسمي عن حجم الخسائر.

وفي ولاية جنوب كردفان، أعلنت شبكة أطباء السودان أن قصفًا مدفعيًا استهدف مدينة الدلنج، وأسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 12 آخرين، مشيرة إلى أن القصف تم من قبل قوات الدعم السريع بالتنسيق مع عناصر من الحركة الشعبية، باستخدام مدفعية ثقيلة من الجهتين الشمالية والشرقية للمدينة. وتسبب الهجوم في دمار واسع وسقوط ضحايا بين المدنيين والعسكريين. كما أكد مسؤول في الجيش السوداني اعتراض 15 طائرة مسيّرة أُطلقت باتجاه عطبرة، مشيرًا إلى أن الدفاعات الأرضية تصدت لهجوم مماثل في أم درمان.

تأتي هذه التطورات بعد يوم واحد من إعلان قوات الدعم السريع موافقتها على مقترح هدنة إنسانية مدتها ثلاثة أشهر، بهدف تسهيل وصول المساعدات ووقف استهداف المدنيين. ورغم الإعلان، أفادت تقارير إعلامية بوقوع هجمات جديدة بطائرات مسيّرة على مواقع للجيش في الخرطوم وضواحيها، فيما أكد شهود عيان سماع دوي انفجارات وتحليق مسيّرات في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش. ولم تُعلن أي جهة حتى الآن تفاصيل واضحة حول آليات تنفيذ الهدنة أو جدولها الزمني.

وفي تطور آخر، وسّعت قوات الدعم السريع نطاق عملياتها نحو الشرق بعد أسبوعين من سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور. وشهدت مناطق شمال أم درمان تحليقًا مكثفًا للطائرات المسيّرة قرب قاعدة وادي سيدنا العسكرية، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في بعض الأحياء. وفي عطبرة، تحدث السكان عن اشتباكات عنيفة وتحليق مكثف للطائرات المسيرة أعقبها اندلاع حرائق في شرق المدينة.

 

 

تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان وسط استمرار القتال وحصار المدن

 

من جانبها، أعلنت نقابة أطباء السودان أن قصفًا عشوائيًا طال مستشفى الدلنج التعليمي، مما أدى إلى تدمير قسم الأشعة والتصوير الطبي وتعطيل أحد أهم المرافق الصحية بالمدينة، في وقت يستمر فيه حصار قوات الدعم السريع للمدينة منذ يونيو 2023. وأشارت النقابة إلى أن الوضع الإنساني في الدلنج يتدهور بشكل حاد، مع صعوبة وصول المساعدات الطبية والإغاثية.

وفي سياق متصل، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أهمية الالتزام الفوري بالهدنة المقترحة، داعية طرفي النزاع إلى وقف العمليات العسكرية وتوفير ممرات آمنة للمدنيين. كما شدد مسؤول سعودي على أن الهدف من المبادرة هو تخفيف معاناة المدنيين وتمكين المنظمات الإنسانية من الوصول إلى المحتاجين.

وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في وقت سابق من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، خاصة بعد سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع، حيث وثقت منظمات دولية وقوع انتهاكات جسيمة ضد المدنيين شملت القتل والاغتصاب والنزوح القسري، وسط انقطاع تام للاتصالات وصعوبة الوصول إلى المدينة.

ويستمر النزاع في السودان منذ اندلاعه في منتصف أبريل 2023، وأسفر حتى الآن عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، وفق تقديرات الأمم المتحدة. وتُعد الأزمة السودانية واحدة من أكبر أزمات النزوح والجوع في العالم، وسط تحذيرات منظمات الإغاثة من انهيار شبه كامل للمنظومة الإنسانية، في ظل استمرار القتال وغياب أي أفق سياسي يلوح في الأفق لإنهاء الحرب.