دراسات وأبحاث

مفاجأة البيت الأبيض.. كازاخستان تطرق باب الاتفاقيات الإبراهيمية

الجمعة 07 نوفمبر 2025 - 01:34 ص
هايدي سيد
الاتفاقيات الإبراهيمية
الاتفاقيات الإبراهيمية - أرشيفية

أعلن مسؤولون أمريكيون أن جمهورية كازاخستان ستنضم رسمياً إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، خلال زيارة مرتقبة للرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف إلى البيت الأبيض، الخميس 6 نوفمبر 2025.

وقالت مصادر مطلعة لموقع "أكسيوس" الأمريكي إن الإعلان سيجري خلال اجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس كازاخستان، في إطار القمة المزمع عقدها مع زعماء خمس دول من آسيا الوسطى، جميعها دول ذات أغلبية مسلمة. وأضافت المصادر أن الخطوة تمثل توسيعاً للاتفاقيات الإبراهيمية التي تقودها الولايات المتحدة، وتهدف إلى تعزيز التعاون بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية.

خطوة دبلوماسية لتعزيز التعاون الإقليمي

ورغم أن كازاخستان وإسرائيل تربطهما علاقات دبلوماسية كاملة منذ أكثر من 30 عاماً، فإن انضمام كازاخستان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية يعكس حرص ناطق رسمي أمريكي على تنشيط هذا الإطار كمنصة للتعاون الإقليمي.

وأكد مسؤول أمريكي رفيع المستوى، رفض الكشف عن هويته، أن هذه الخطوة تأتي في وقت حساس بالنسبة لإسرائيل، حيث تمر بتحديات دبلوماسية بسبب الصراع الأخير في غزة. وقال المسؤول إن الهدف الرئيس من الإعلان هو دعم مكانة إسرائيل في العالم العربي والإسلامي وإرسال رسالة تؤكد أن الاتفاقيات الإبراهيمية تمثل "طريقاً نحو السلام وتعزيز التعاون في المنطقة".

وأوضح المسؤول أن الإعلان لن يشكل حدثاً جديداً من حيث العلاقات الثنائية بين كازاخستان وإسرائيل، إذ لا توجد قيود حالية على زيارة الإسرائيليين إلى كازاخستان أو ممارسة أنشطتهم التجارية.

 لكنه أشار إلى أن هذا الانضمام يكتسب أهمية سياسية ودبلوماسية كبيرة، خاصة في سياق إعادة التأكيد على التزام الدول الإقليمية بدعم السلام والاستقرار.

كازاخستان تستثمر في السياسة الدولية

بالنسبة لرئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، فإن الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية يمثل فرصة لتعزيز علاقات بلاده مع إسرائيل، واستغلال التعاون الإقليمي لتعزيز التنمية الاقتصادية. 

وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن توكاييف أبدى رغبة صريحة في تعزيز العلاقات القائمة بين بلاده وإسرائيل، والاستفادة من فرص التعاون في مجالات التجارة والتكنولوجيا والمعادن الأساسية، لا سيما بعد توقيع كازاخستان اتفاقية مع الولايات المتحدة بشأن المعادن الأساسية الخميس الماضي.

وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن هذه الخطوة ستسهم أيضاً في تعزيز صورة كازاخستان على الساحة الدولية، وإظهار التزامها بالتسامح الديني والحوار بين الأديان، وهو ما يعكس استراتيجية توكاييف لتعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي في بلاده.

تفاصيل الإعلان واللقاء المرتقب

من المتوقع أن يجري الرئيسان ترامب وتوكاييف مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليعلنوا خلالها رسمياً نية كازاخستان الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.

 وقال مسؤول أمريكي إن البيت الأبيض يخطط لعقد حفل توقيع رسمي يجمع بين زعماء إسرائيل وكازاخستان، وربما يشمل قادة الدول الأخرى الراغبة في الانضمام إلى الاتفاقيات مستقبلاً.

وقال ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الإعلان الرسمي عن انضمام دولة جديدة للاتفاقيات الإبراهيمية سيجري مساء الخميس، مؤكداً حضوره لحفل الإعلان في واشنطن. وأضاف ويتكوف خلال مشاركته في منتدى للأعمال في فلوريدا أنه لم يُكشف عن اسم الدولة قبل الإعلان الرسمي، لكنه أشار إلى أن المعلومات المتعلقة بكازاخستان قد تسربت إلى وسائل الإعلام.

السياق الإقليمي والدولي

تأتي هذه الخطوة في ظل جهود أمريكية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، واستعادة الدعم الدولي لإسرائيل بعد الحرب الأخيرة في غزة.

 وأوضح ترامب، في تصريحات سابقة لموقع "أكسيوس"، أن إحدى أولوياته هي إعادة تعزيز موقف إسرائيل على الساحة الدولية، مؤكداً أن الاتفاقيات الإبراهيمية يمكن أن تكون أداة فعالة لتحقيق هذا الهدف.

وبحسب المسؤولين الأمريكيين، فإن إشراك الدول الإقليمية في هذه الاتفاقيات يمثل أولوية كبيرة لإدارة ترامب، لكنه يحتاج إلى حساسية دبلوماسية عالية نظراً لتعقيدات العلاقات في المنطقة. وتعتبر كازاخستان نموذجاً مثالياً لهذه السياسة، لأنها دولة ذات أغلبية مسلمة تتمتع بعلاقات مستقرة مع إسرائيل منذ عقود، ولديها دور متوازن في المنطقة الآسيوية الوسطى.

انعكاسات اقتصادية واستراتيجية

من الجانب الاقتصادي، يرى خبراء أن انضمام كازاخستان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية قد يفتح المجال أمام زيادة الاستثمارات والتعاون التكنولوجي بين الدول، خصوصاً في مجالات المعادن الأساسية والطاقة والتجارة. كما يمكن أن يؤدي هذا التحرك إلى تعزيز التعاون في المجالات التعليمية والثقافية، بما يسهم في تعزيز صورة كازاخستان كدولة معتدلة وملتزمة بالحوار بين الأديان.

وقال مسؤول أمريكي إن خطوة كازاخستان تعكس أيضاً رغبتها في توسيع نفوذها الدبلوماسي، واستثمار العلاقات مع واشنطن لتعزيز مكانتها الدولية، بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.

خلف الكواليس

ووفقاً لمصادر أمريكية، فقد تواصل الرئيس توكاييف مع البيت الأبيض قبل القمة ليؤكد رغبته في الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، وأكد أن هذا الانضمام سيعزز التعاون بين بلاده وإسرائيل، ويعكس التزام كازاخستان بالتسامح الديني والحوار الإقليمي.

وبذلك، يصبح انضمام كازاخستان خطوة رمزية تمثل جسرًا جديدًا بين إسرائيل والدول ذات الأغلبية المسلمة، وتوجه رسالة سياسية واضحة بأن الاتفاقيات الإبراهيمية ليست مجرد اتفاقيات ثنائية، بل إطاراً إقليمياً لتعزيز السلام والتعاون.

من المتوقع أن يضع إعلان انضمام كازاخستان اليوم حجر الأساس لمزيد من التوسعات المستقبلية في الاتفاقيات الإبراهيمية، بما يشمل دولاً جديدة ترغب في الانضمام، ويعكس التزام إدارة ترامب بدفع عملية السلام الإقليمي، وتعزيز العلاقات بين إسرائيل والعالم الإسلامي بطريقة استراتيجية ومدروسة.