دراسات وأبحاث

بين الآمال والتحديات.. أمريكا تدفع بمقترح «القوة الدولية» للتخلص من حُكم حماس في غزة

الخميس 06 نوفمبر 2025 - 06:39 ص
مصطفى عبد الكريم
حماس
حماس

بين الآمال والتحديات، تطرح «الولايات المتحدة الأمريكية» مقترحًا جريئًا لنشر «قوة دولية» في غزة بهدف «إنهاء حُكم حماس»، في خطوة قد تُعيد تشكيل المشهد السياسي في المنطقة. ورغم التفاؤل الدولي بإمكانية إحداث تغيير، تظل التحديات القائمة، سواء من القوى المحلية أو الدولية، تُهدد نجاح هذا المقترح الذي قد يُغيّر موازين القوى في الشرق الأوسط.

تحديات كبيرة تُواجه المقترح الأمريكي

ورغم الدعم الدولي المُحتمل لهذه الخطة، فإن الطريق لتحقيقها ليس مفروشًا بالورد. «حماس»، التي تمتلك قاعدة شعبية واسعة في غزة، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التدخل. بالإضافة إلى ذلك، يُواجه «المقترح الأمريكي» مقاومة إقليمية من بعض الأطراف التي ترى في أي تدخل خارجي تهديدًا لسيادتها. تُضاف إلى هذه التحديات الواقع المُعقّد على الأرض، حيث تتداخل المصالح المحلية والإقليمية في لعبة صعبة قد تُؤثر على فرص نجاح هذا التحرك الدولي. فهل ستكون القوة الدولية قادرة على فرض تغيير حقيقي في غزة، أم ستظل المعادلة أكثر تعقيدًا مما يُتصور؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

عقد السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، «مايك والتز»، اجتماعًا مع دبلوماسيين فلسطينيين في نيويورك؛ لمناقشة «مقترح أمريكي بنشر قوة دولية في قطاع غزة».

مناقشات إيجابية حول القرار الأمريكي

وكشف موقع «أكسيوس» الأمريكي عن أن اللقاء، الذي جرى الثلاثاء الماضي، شهد نقاشات «إيجابية» حول مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن، فيما أكد المسؤولون الفلسطينيون أن «لا مستقبل لحماس في غزة»، مُشددين على ضرورة أن تلعب السُلطة الفلسطينية دورًا محوريًا في القطاع.

Hamas holds its own against Netanyahu | International | EL PAÍS English
حماس

ونقل «أكسيوس»، عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن اللقاء يُمثّل «تواصلًا نادرًا» بين واشنطن والسُلطة الفلسطينية بشأن مرحلة ما بعد الحرب في غزة، ووصف مصدر الأجواء بأنها «إيجابية».

بينما استغل الدبلوماسيون الفلسطينيون اللقاء لطرح أسئلة حول مشروع القرار الذي يتضمن إنشاء قوة استقرار دولية لمُدة عامين على الأقل.

التأكيد على دور السُلطة في غزة

أكّد المسؤولون الفلسطينيون، وفقًا لـ«أكسيوس»، أنه «لا مستقبل لحماس في قطاع غزة»، مُعربين عن دعمهم للمقترح الأمريكي بإنهاء حُكم الحركة. وشددوا على «أهمية دور السُلطة الفلسطينية في غزة في المستقبل القريب»، مُطالبين بدور أكثر فاعلية في المرحلة الراهنة.

كما كشف «أكسيوس» عن أن واشنطن أرسلت مشروع قرار إلى أعضاء مجلس الأمن لإنشاء قوة استقرار دولية في غزة، تهدف لتوفير الأمن خلال فترة انتقالية تنسحب خلالها إسرائيل تدريجيًا، بينما تُجري السُلطة الفلسطينية إصلاحات تُمكنها من تولي إدارة غزة على المدى الطويل.

دعم أوروبي لتعزيز دور السُلطة

رغم معارضة إسرائيل لأي مشاركة للسُلطة الفلسطينية في الحكم والأمن بغزة، أفادت مصادر لـ«أكسيوس» بأن بريطانيا وفرنسا ودولًا أوروبية تُريد دورًا أكبر للسُلطة، وترى ذلك مفتاحًا لدعمها الخطة الأمريكية.

وطلبت فرنسا من واشنطن إدراج تعديل يُوسّع دور السُلطة، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل تُعارضان ذلك.

وفي وقت سابق، قدَّمت إدارة الرئيس «دونالد ترامب» مقترحًا إلى إسرائيل لحل أزمة عناصر «حماس» الموجودين في «أنفاق غزة»، وسط مخاوف من أن بقاءهم يُقوِّض وقف إطلاق النار، وفقًا لمسؤولين أمريكيين مطلعين تحدثوا لـ«أكسيوس» الأمريكي.

نزع سلاح حماس دون حرب

وتسعى الإدارة الأمريكية لاستخدام هذه الأزمة كنموذج مُحتمل لنزع سلاح «حماس» بشكل سلمي دون استئناف الحرب.

ويتضمن المقترح الأمريكي نقل العناصر الموجودة في الأنفاق إلى مناطق خارج «الخط الأصفر» الفاصل بين مناطق السيطرة دون استهدافهم، مع تسليم أسلحتهم داخل الأنفاق لطرف ثالث، مقابل عفو إسرائيلي مشروط.

وبحسب المسؤولين الأمريكيين، تشترط الخطة عدم عودة هؤلاء المقاتلين إلى النشاط العسكري، على أن يتم نقلهم من المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية إلى مناطق سيطرة «حماس»، وتدمير الأنفاق التي كانوا يستخدمونها.

إقناع حماس يتصدر الخطة

نقل «أكسيوس» عن أحد المسؤولين الأمريكيين قوله: «نُريد أن تكون هذه حالة اختبارية يُمكن توسيعها لاحقًا إلى مناطق أخرى في غزة»، مُشيرًا إلى أن إقناع مقاتلي «حماس» بإلقاء السلاح يُمثّل القضية «الأكثر حساسية» في خطة السلام التي طرحها ترامب.

وأضاف المسؤول: أن «الموقف الإسرائيلي مُتشدد كالعادة، لكن المفاوضات مُستمرة»، فيما انتقد مسؤول أمريكي آخر الجانب الإسرائيلي بقوة، قائلًا إنه «يحتاج لأن ينضج»، وألا يسمح لقضية تكتيكية كأزمة الأنفاق في رفح بتقويض قضية إستراتيجية مثل اتفاق غزة.

اشتباكات هددت وقف إطلاق النار

أفاد «أكسيوس» بأن عشرات المقاتلين من حماس باتوا «عالقين» في أنفاق تقع على الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر، خاصة في مدينة رفح الفلسطينية الحدودية.

وأشار الموقع الأمريكي، إلى أن المناوشات بين هؤلاء المقاتلين والقوات الإسرائيلية هددت وقف إطلاق النار، ما دفع الولايات المتحدة الأسبوع الماضي لعرض مرور آمن لمُدة (24 ساعة) للمقاتلين عبر الخط الأصفر تجنبًا لتكرار هذه الاشتباكات.

حماس تُراجع موقفها والاعتراضات تتصاعد

ذكر «أكسيوس»، أن «حماس لم تقبل العرض الأمريكي في البداية»، لكنها عادت لاحقًا وأبدت اهتمامًا، إلا أن الإسرائيليين أصروا حينها على انتهاء المُهلة الزمنية.

حماس

وأضاف الموقع الأمريكي، أن الوضع ازداد تعقيدًا عندما انتقد المتشددون داخل وخارج ائتلاف رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» نيته السماح بـ«مرور آمن» لمقاتلي حماس، إذ تعتبر فكرة منح عفو للمقاتلين أمرًا مرفوضًا لدى كثيرين في التحالف اليميني المتطرف.

الموقف الإسرائيلي يُعقّد التفاوض

نقل «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي كبير تأكيده أن إسرائيل «تتفاعل مع الولايات المتحدة لكنها لا تُوافق حاليًا على جميع عناصر المقترح».

وأوضح المسؤول: «بعض مقاتلي حماس في أنفاق رفح قتلة ولا يُمكن منحهم العفو، بل يُمكن قتلهم أو استسلامهم واعتقالهم على يد الجيش الإسرائيلي».

وصرّح مسؤولون إسرائيليون، أن من شروطهم للسماح بـ«مرور آمن» لبعض مقاتلي حماس إعادة الحركة جثمان ضابط الجيش الإسرائيلي، «هدار جولدين»، المحتجز في غزة منذ أكثر من (11) عامًا.

غزة اختبار حقيقي للسلام

يبقى مقترح «القوة الدولية في غزة» بين الآمال الكبيرة والتحديات العميقة. بينما يسعى التحرك الأمريكي إلى تحقيق الاستقرار وإزالة حُكم «حماس»، فإن الواقع على الأرض يعكس تعقيدات لا يُمكن تجاهلها، من الرفض المحلي إلى المصالح الإقليمية المتضاربة. ورغم أن هذا المقترح قد يحمل في طياته بداية جديدة للسلام في المنطقة، إلا أن النجاح لن يكون سهلًا، بل سيعتمد على القدرة الدولية على التنسيق الفعّال و التعامل مع التحديات القائمة بحنكة ومرونة. في النهاية، ما زالت غزة، بكل ما تحمله من آلام وصراعات، تُمثّل اختبارًا حقيقيًا للإرادة الدولية وقدرتها على تحقيق السلام المُستدام في منطقة لا تعترف غالبًا بالحلول السهلة.