حوض النيل

الإخوان يعيدون توجيه دفة علاقات السودان الخارجية وسط حرب وانقسام

الثلاثاء 04 نوفمبر 2025 - 08:54 م
هايدي سيد
الأمصار

بعد مرور أكثر من ست سنوات على سقوط نظام الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، لا يزال السودان يواجه تحديًا بالغ التعقيد في إعادة صياغة سياسته الخارجية وتحديد موقعه الإقليمي والدولي، وسط اتهامات متزايدة لجماعة الإخوان المسلمين بمحاولة التأثير في مسار العلاقات الخارجية للبلاد خدمةً لأجنداتها الخاصة.

وبحسب ما نقلته شبكة «سكاي نيوز عربية» عن محللين وخبراء، فإن الجماعة تمثل "حجر عثرة" أمام بناء سياسة خارجية متوازنة، إذ تعتمد على شبكة تحالفات إقليمية تخدم مصالحها الحزبية على حساب المصلحة الوطنية السودانية. هذا النفوذ الإخواني – وفق المراقبين – ساهم في إبطاء خطوات الخرطوم نحو الانفتاح على شركائها العرب والأفارقة، وأثار شكوك عدد من العواصم الإقليمية حول ثبات توجهات السودان الخارجية.

وفي ظل الحرب المستمرة منذ منتصف عام 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تزداد علاقات السودان هشاشةً مع دول الجوار.

 فقد أشار المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن جماعات سياسية وإعلامية مرتبطة بـ"المؤتمر الوطني" – الذراع السياسي لتنظيم الإخوان – تروّج لاستمرار الحرب وترفض أي جهود دولية أو إقليمية للوساطة أو وقف إطلاق النار.

كما أظهرت الأزمة عودة الميليشيات الإخوانية إلى الواجهة، مثل كتيبة البراء وعدد من الكتائب الجهادية التي سعت إلى إطالة أمد الصراع الداخلي. 

تاريخيًا، رسخ التنظيم وجوده في مفاصل الدولة منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما أسس الحركة الإسلامية السودانية واستقطب كوادر مؤثرة من داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية، ما مكّنه لاحقًا من الوصول إلى السلطة بانقلاب 1989.

وتوضح مجموعة الأزمات الدولية أن الإسلاميين عادوا إلى مؤسسات الدولة بعد اندلاع الحرب الأخيرة، خاصة في الوزارات والأجهزة الأمنية الخاضعة لحكومة البرهان، مما أثار قلقًا إقليميًا ودوليًا من احتمالات عودة نفوذهم وتأثيرهم على سياسة السودان الخارجية.

ويرى رمضان أبو جزر، مدير مركز بروكسل الدولي للأبحاث، أن جماعة الإخوان "تتعامل بانتهازية غير وطنية"، إذ تحاول توظيف علاقاتها القديمة داخل الجيش والحكومة في بورتسودان لتصفية حسابات سياسية مع دول عربية تعارض وجودها. وأوضح أن "عدداً من القادة المقربين من البرهان ينتمون للجماعة أو يتبنون فكرها، وهم الذين قادوا السودان إلى الانسحاب من التفاهمات الدولية والإقليمية، ما زاد عزلة البلاد وأطال أمد الصراع".

ويشير خبراء إلى أن علاقات السودان الخارجية خلال حقبة حكم الإخوان اتسمت بالتقلب والصدام مع دول الجوار العربي والأفريقي، عبر دعم حركات المعارضة واحتضان جماعات متطرفة، وهو ما تسبب في تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب لثلاثة عقود كاملة.

ويخلص المراقبون إلى أن تجاوز هذه المرحلة يتطلب فصل القرار الخارجي عن نفوذ الجماعة، وبناء سياسة خارجية سودانية تستند إلى المصلحة الوطنية والتعاون الإقليمي، بعيدًا عن الحسابات الأيديولوجية التي أعاقت البلاد لعقود.