أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي لشؤون المياه، طورهان المفتي، أن المذكرة الموقّعة بين العراق وتركيا تمثل انعطافة تاريخية في العلاقات المائية بين البلدين، مشيرًا إلى أنها تتضمن معادلة وطنية جديدة لضمان استدامة الإطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات، فضلًا عن إطلاق مشاريع مشتركة لتطوير البنى التحتية المائية تحت إشراف عراقي كامل.
وأوضح المفتي، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن هذه المذكرة تستند إلى اتفاق الإطار الذي وقّعه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أبريل 2024، إلى جانب عدد من مذكرات التفاهم السابقة التي أرست أسس التعاون في مجال المياه بين البلدين.
وأضاف أن المذكرة الجديدة تمثل نقلة نوعية في العلاقات الثنائية، إذ تضمن استدامة الإطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات، وتفتح الباب أمام تحديث وإنشاء مشاريع بنية تحتية حديثة في مجالات الري والإرواء وإدارة الموارد المائية، مشددًا على أنها تُعد “أول اتفاق بهذا المستوى في تاريخ العلاقات المائية العراقية التركية”.
وأشار المفتي إلى أن المشاريع المقترحة ستُحدد من قبل الجهات العراقية المختصة، قبل عرضها على اللجنة العليا المشتركة بين العراق وتركيا لمراجعة آليات التنفيذ، موضحًا أن التنفيذ سيكون بمشاركة شركات عراقية وتركية، فيما ستتولى الفرق العراقية حصراً مهمة المتابعة والإشراف الفني لضمان الالتزام بالمعايير الوطنية.

وأكد أن الشركات التركية المشاركة يجب أن تكون ذات خبرة وكفاءة مثبتة، وأن تتم جميع الإحالات والإجراءات بشكل قانوني وأصولي كامل، لافتًا إلى أن جميع مراحل التنفيذ ستخضع لـ مواصفات قياسية عراقية تضمن الجودة والشفافية.
وتطرق المفتي إلى أن التغير المناخي وتداعياته أصبحت تحديًا عالميًا يتطلب تعاونًا مشتركًا، مؤكدًا أن الوفد العراقي المفاوض حرص على إدراج مبدأ الاستدامة في نص المذكرة، بحيث تعتمد على معادلة عراقية شاملة تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الزراعية والصناعية والمنزلية، لضمان توفير حصة مائية عادلة ومستدامة للعراق.
وبيّن أن المذكرة ستدخل حيّز التنفيذ قريبًا عبر المراسلات الرسمية بين الجانبين، موضحًا أن تبادل كتب الجاهزية القانونية والإدارية بين بغداد وأنقرة سيُفعّل الاتفاق رسميًا، لتبدأ بعدها مراحل العمل التنفيذية وفق خطة زمنية واضحة.
وختم المفتي تصريحه بالتأكيد على أن هذه المذكرة تمثل نقطة تحول استراتيجية في إدارة ملف المياه بين العراق وتركيا، كونها تجمع بين الضمانات القانونية والتقنية والسياسية، وتفتح آفاقًا جديدة لتعاون إقليمي أوسع في مواجهة تحديات شح المياه والتغير المناخي في منطقة الشرق الأوسط.