يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتقادات متزايدة من خصومه السياسيين ومنظمات المجتمع المدني مع اقتراب فصل الشتاء القارس، في ظل تصاعد القلق الشعبي من انقطاعات الكهرباء ونقص التدفئة الناتجة عن استمرار القصف الروسي المكثف على البنية التحتية للطاقة في البلاد.
ووفق تقرير نشرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية المتخصصة في الشؤون الأوروبية، فإن زيلينسكي يشعر بقلق بالغ من ردود الفعل الشعبية المحتملة في حال تكررت أزمة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خلال الأشهر القادمة، وهو ما دفعه – بحسب منتقدين – لمحاولة إلقاء اللوم على مسؤولين سابقين في قطاع الطاقة الأوكراني.
أحد أبرز هؤلاء المسؤولين هو فولوديمير كودريتسكي، الرئيس السابق لشركة الطاقة الوطنية الأوكرانية "يوكرين إرجو"، الذي أكد في مقابلة مع المجلة أن مكتب الرئيس الأوكراني يسعى لتحميله المسؤولية عن الأوضاع الحالية.
كودريتسكي، البالغ من العمر 39 عامًا، كان قد أُجبر على الاستقالة العام الماضي وسط صراع داخلي على النفوذ والسيطرة داخل قطاع الطاقة، وأشار إلى أن البلاد تواجه "شتاءً صعبًا للغاية" تحت وطأة القصف الروسي المستمر، معتبرًا أن الحكومة في كييف فاقمت الأزمة عبر "سوء التخطيط وسلسلة من الأخطاء الاستراتيجية".
وفي تصعيد جديد للخلاف، أعلنت السلطات الأوكرانية قبل أيام توجيه تهم اختلاس ضد كودريتسكي تتعلق بعقد يعود إلى سبع سنوات، حين كان نائبًا لمدير "يوكرين إرجو".
وقد أثار هذا القرار – بحسب تقرير "بوليتيكو" – غضب المعارضة والمجتمع المدني، الذين وصفوا الاتهامات بأنها "محاولة سياسية لتكميم الأفواه" وتخويف المنتقدين من خلال استخدام القانون كسلاح سياسي.
وأكد كودريتسكي أن التهم "مختلقة وموجهة من أعلى المستويات"، مشيرًا إلى أن مكتب الرئيس الأوكراني لم يكن ليقدم عليها دون موافقة زيلينسكي شخصيًا.
ورفض مكتب الرئيس الرد على طلبات متكررة من المجلة للتعليق على هذه المزاعم، ما زاد من التكهنات حول وجود صراع داخلي محتدم داخل دوائر صنع القرار في كييف.

أوضح كودريتسكي – الذي أُفرج عنه بكفالة مؤقتة – أن القضايا الموجهة ضده تهدف إلى تبرير فشل الحكومة في الاستعداد الكافي لموسم الشتاء المقبل، رغم أنه لم يعد يشغل أي منصب رسمي في الشركة منذ أكثر من عام.
وقال: "يحاولون تقديمي ككبش فداء لإخفاقاتهم، لكن الحقيقة أن الحكومة لم تنفذ أيًّا من الخطط التي أوصيت بها منذ ثلاث سنوات لتقوية نظام الطاقة الوطني".
وأشار إلى أنه قدّم في عام 2022 خطة لإصلاح شامل تعتمد على اللامركزية في إنتاج الطاقة وتقليل الاعتماد على المحطات المركزية القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، والتي تُعد أهدافًا سهلة للهجمات الروسية، غير أن مقترحه لم يُنفذ حتى الآن.
مع اقتراب انخفاض درجات الحرارة في عموم أوكرانيا، تزداد المخاوف من أن يؤدي استمرار القصف الروسي لمحطات الطاقة إلى أزمة إنسانية جديدة في البلاد، خصوصًا في المدن الشرقية التي تعرضت بنيتها التحتية للدمار بشكل متكرر منذ بداية الحرب في فبراير 2022.
ويرى محللون أوروبيون أن إدارة زيلينسكي تواجه أصعب اختبار داخلي لها منذ اندلاع الحرب، إذ يتعين عليها تحقيق توازن بين إدارة الحرب ضد روسيا وضمان استمرار الخدمات الحيوية للمواطنين.
وفي الوقت الذي يواصل فيه الكرملين تكثيف ضرباته على المنشآت الأوكرانية، يبدو أن كييف تقف على أعتاب فصل شتاء قد يكون الأكثر قسوة منذ اندلاع الحرب، وسط تصاعد السخط الشعبي من أداء الحكومة في التعامل مع أزمة الطاقة المتفاقمة.