دراسات وأبحاث

الترند الفرعوني يغزو مصر مع افتتاح المتحف المصري الكبير

السبت 01 نوفمبر 2025 - 12:41 م
ابراهيم ياسر
الأمصار

مع اقتراب موعد الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، بات المشهد في مصر يشهد انفجاراً في الاهتمام بالصورة الفرعونية، خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات التصوير السياحي، تبدو الحضارة المصرية القديمة وقد استحوذت على اهتمام الملايين محلياً وعالمياً.

أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير بعد الافتتاح.. وفئات الدخول المجاني

حيث أن افتتاح هذا الصرح ليس مجرد إطلاق لمبنى، بل بمثابة حدث ثقافي عالمي يعيد إشعال علاقة مصر وشعبها بتاريخها العريق، ويمنح العالم نافذة جديدة على «زمن الفراعنة».

تريند الصور الفرعونية يغزو مصر مع افتتاح المتحف المصري الكبير

ومع الاقتراب الفعلي للافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير في الجيزة، تحوّل الاهتمام في مصر ومواقع التواصل الاجتماعي إلى ظاهرة ثقافية بصرية لافتة، حيث غزت الإنترنت موجة من الصور بالزي الفرعوني، في ما بات يُعرف بتريند “التحويل إلى ملك أو ملكة فرعونية”. 

انتشرت هذه الصور بين الشباب والمشاهير، وتحوّل التراث المصري القديم إلى موضة رقمية جديدة تجسد الفخر بالهوية وتحتفي بتاريخ مصر الممتد لآلاف السنين.

المتحف المصري الكبير.. بوابة جديدة إلى التاريخ

يقع المتحف المصري الكبير على مقربة من أهرامات الجيزة، ويُعد أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، إذ يمتد على مساحة تقارب 500 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي مختلف عصور الحضارة المصرية القديمة.
بدأ المشروع في أوائل الألفية الجديدة، بدعم حكومي ودولي، ليكون بمثابة “بوابة مصر إلى التاريخ”، ويعرض للمرة الأولى مجموعة الملك توت عنخ آمون كاملة في قاعات عرض تفاعلية مجهزة بأحدث تقنيات الإضاءة والعرض.
ومن المقرر افتتاح المتحف رسميًا اليوم، وسط تغطية إعلامية عالمية وحضور وفود دولية وشخصيات ثقافية وسياسية رفيعة المستوى.

صورتك بالزي الفرعوني بخطوات سهلة ومجانية.. شارك في تريند المتحف الكبير -  الوطن

التكنولوجيا تعيد إحياء الفراعنة

تزامنًا مع هذا الحدث التاريخي، برز تريند رقمي اجتاح مواقع التواصل مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، يقوم على تحويل الصور الشخصية إلى صور فرعونية باستخدام الذكاء الاصطناعي. 

وتعمل تطبيقات متعددة — بعضها مصري المنشأ — على معالجة الصورة وإلباس الوجه الزي الذهبي الملكي أو تيجان الفراعنة، مع خلفيات لأعمدة المعابد أو الأهرامات أو عرش الملكة نفرتيتي.
النتيجة؟ ملايين الصور التي غمرت الشبكات الاجتماعية، تظهر المصريين والعرب وحتى الأجانب في هيئة ملوك وملكات من مصر القديمة، في موجة وصفها بعض المعلقين بأنها “عودة افتراضية للحضارة الفرعونية إلى الحياة”.

يقول أحد مطوري هذه التطبيقات في تصريحات إعلامية:

“أردنا أن نربط الشباب بجذورهم بطريقة عصرية، فبدلاً من أن تكون الصورة مجرد لقطة سريعة، أصبحت تجربة هوية، تجربة فخر”.

بينما كتب أحد المستخدمين على منصة “إكس”:

“أشعر أنني امتداد لأحفاد رمسيس… التكنولوجيا جعلتني أرى نفسي كما لم أرها من قبل”.

من الفوتوغرافيا إلى الهوية

لم يعد هذا الترند مجرد ترف رقمي، بل تحوّل إلى تعبير عن الانتماء الثقافي في مصر، تلقى الفكرة رواجًا كبيرًا بين المدارس والجامعات والمراكز الثقافية، حيث بات الطلاب يصنعون “بروفايلات” فرعونية في إطار الاحتفاء بالمتحف المصري الكبير.

 كما خصصت بعض المقاهي والمعارض الفنية “أركان تصوير فرعونية” بملابس وتيجان مشابهة لما يُعرض في المتحف.

وتشير دراسات في علم الاجتماع الثقافي إلى أن التقنية أصبحت أداة لاستعادة الهوية، وأن هذا الترند يعبّر عن رغبة جيل الشباب في تحويل رموز التاريخ إلى لغة معاصرة يمكن تداولها بسهولة.

 ومع الانتشار العالمي للتطبيقات، تحوّل المصري القديم إلى أيقونة بصرية رقمية لا تقل حضورًا عن الرموز الحديثة في الثقافة الشعبية.

الصورة كجسر بين الماضي والحاضر

ما يميز هذه الموجة أنها تزامنت مع حدث واقعي ضخم هو افتتاح المتحف المصري الكبير، ما جعل من التجربة الرقمية امتدادًا بصريًا لواقع ثقافي جديد. فالمتحف نفسه يعتمد على التقنيات التفاعلية والوسائط البصرية لعرض القطع الأثرية، ما جعل الجمهور يرى في الصور الرقمية تكملة لتجربة المتحف على الإنترنت.
بعبارة أخرى، أصبح “التحول إلى فرعون” جزءًا من عملية تفاعل جماعي مع التاريخ، وليست مجرد موضة عابرة.

المتحف: صرح للمعرفة والتجربة البصرية

يضم المتحف قاعات ضخمة تعرض مقتنيات من عصور متعددة: من عصور ما قبل الأسرات إلى الدولة الحديثة والعصور اليونانية والرومانية.
من أبرز معروضاته: تمثال رمسيس الثاني الضخم الذي يستقبل الزوار في البهو الرئيسي، ومجموعة توت عنخ آمون الكاملة، إلى جانب معروضات ثلاثية الأبعاد تُعيد تصوير الحياة اليومية في مصر القديمة باستخدام تقنيات الهولوغرام والواقع المعزز.
ويُنتظر أن يصبح المتحف مركز جذب عالمي، إذ تتوقع وزارة السياحة والآثار أن يزيد عدد الزوار إلى أكثر من 7 ملايين سنويًا بعد افتتاحه.

الفراعنة في زمن السوشيال ميديا

اللافت أن موجة “الصور الفرعونية” لم تقتصر على المصريين؛ فقد شارك فيها مؤثرون من العالم العربي، وظهرت هاشتاغات مثل #الفرعون_أنا و#صورة_ملكية و#أنا_من_توت_عنخ_آمون ضمن الأعلى تداولًا على تويتر وإنستغرام.
كما أطلقت شركات أزياء وماركات محلية خطوط ملابس وإكسسوارات مستوحاة من النقوش الملكية والألوان الفرعونية، مستفيدة من هذا الزخم الثقافي والتسويقي.

طريقة تحويل صورة البروفايل إلى الزي الفرعوني «ملك وملكة» بـ الذكاء الاصطناعي

ما بين الحداثة والجذور

هذا التفاعل الجماعي مع التراث المصري يعكس مرحلة جديدة في وعي الأجيال الحديثة بتاريخها، إذ لم يعد الماضي موضوع دراسة فحسب، بل مادة للاحتفال والابتكار والتصوير. 

ومع افتتاح المتحف المصري الكبير، يبدو أن مصر لا تكتفي بعرض آثارها للعالم، بل تقدم نموذجًا لكيف يمكن للتاريخ أن يعيش في العصر الرقمي.

ختامًا، فإن تريند الصور الفرعونية لم يكن مجرد موجة على الإنترنت، بل مرآة لهوس جميل بالهوية والتاريخ. 

وبين المتحف الكبير على أرض الجيزة، وشاشات الهواتف التي تعيد إنتاج صور الفراعنة، تبدو مصر وكأنها تعيد رسم صورتها أمام العالم: دولة تعرف كيف تمزج بين عظمة الماضي وإبداع الحاضر.

أسهل طريقة.. 4 خطوات لتحويل صورتك للزي الفرعوني مجانا مثل الملوك والملكات

لماذا هذا الترند مهم؟

 إحياء الهوية: يعكس الاهتمام المتزايد بهذا السِياق البصري رغبة في التواصل مع الماضي وإعادة استحضار الهوية الوطنية عبر صور تُنشر في كل مكان.
 دعم السياحة: الصور الفرعونية أصبحت وسيلة تسويق طبيعية لمصر كوجهة سياحية تاريخية — إذ يرى الزائر أن هناك «قصة مصوّرة» يمكن أن يعيشها.
تجربة متحفية حديثة: المتحف لا يعرض القطع فقط، بل يربطها بخلفيات تكنولوجية وتجربة مشاهدة تستحق التصوير — ما يزيد من رغبة الجمهور في المشاركة ومشاركة الصور.