الشام الجديد

واشنطن ترحب بالاستثمار في سوريا لدعم قيام دولة مستقرة

الجمعة 31 أكتوبر 2025 - 11:07 م
مصطفى سيد
الأمصار

رحّبت وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم الجمعة، بالاستثمار والمشاركة في مشاريع داخل سوريا، مؤكدة أن واشنطن تدعم كل الجهود الرامية إلى بناء دولة يسودها السلام والاستقرار والازدهار، في خطوة وُصفت بأنها تحوّل واضح في الموقف الأمريكي تجاه دمشق بعد سنوات من العزلة والعقوبات الاقتصادية الصارمة.

وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية في تصريحات نقلتها وسائل إعلام دولية، إن الإدارة الأمريكية ترى أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وفي مقدمتها قانون قيصر، يمكن أن يساهم في دعم الهزيمة الدائمة لتنظيم الدولة (داعش) ويفتح الباب أمام "فرصة حقيقية لمستقبل أفضل للشعب السوري".

يأتي هذا التصريح بعد أعوام من التشدد الأمريكي في التعامل مع الحكومة السورية، إذ كانت واشنطن تصرّ على الإبقاء على العقوبات كوسيلة ضغط سياسية واقتصادية، رافضة أي انخراط في عمليات إعادة الإعمار ما لم يتحقق تقدم ملموس في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.

لكن الموقف الجديد، وفق مراقبين، يشير إلى تغيّر تدريجي في السياسة الأمريكية تجاه دمشق، مدفوعاً بعدة عوامل، أبرزها التحولات الإقليمية المتسارعة، وعودة العلاقات بين سوريا وعدد من الدول العربية، إلى جانب الجهود الروسية والصينية والإيرانية المتنامية في ملف إعادة الإعمار، وهو ما تسعى واشنطن لعدم تركه بالكامل لتلك القوى.

وأضاف المتحدث الأمريكي أن الكونجرس الأمريكي مدعوّ إلى النظر في إمكانية إلغاء قانون قيصر ضمن إطار قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA)، وهو ما اعتبره محللون مؤشراً على تحول تشريعي محتمل يمهد لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي على سوريا.

ويُذكر أن قانون قيصر الذي أقره الكونجرس عام 2019، فرض عقوبات اقتصادية واسعة على الحكومة السورية وكل الجهات التي تتعامل معها، بهدف الضغط على النظام السوري لوقف الانتهاكات بحق المدنيين والدخول في تسوية سياسية شاملة. وقد شكل القانون أحد أبرز أسباب جمود الاستثمارات الدولية في البلاد على مدى السنوات الماضية.

ويرى خبراء أن تصريحات الخارجية الأمريكية تمثل نقطة تحول دبلوماسية يمكن أن تفتح الباب أمام الشركات الأمريكية والدولية للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية في سوريا، في حال تم فعلاً تخفيف أو رفع العقوبات خلال الفترة المقبلة.

كما يُتوقع أن يؤدي هذا الموقف إلى إعادة خلط الأوراق الإقليمية، خصوصاً بعد أن شهدت الأشهر الماضية خطوات عربية متسارعة لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية وفتح قنوات دبلوماسية معها.

ويرى محللون أن أي انفتاح اقتصادي أمريكي أو غربي على دمشق قد يسهم في تحسين الوضع المعيشي للسوريين ويدعم جهود إعادة الاستقرار في البلاد، إلا أن ذلك سيظل مشروطاً بمدى استعداد واشنطن للمضي قدماً في تخفيف القيود القانونية والسياسية المفروضة منذ أكثر من عقد.

وفي المقابل، حذرت بعض الدوائر الأمريكية من تداعيات التسرع في رفع العقوبات، معتبرة أن ذلك قد يمنح الحكومة السورية مساحة مالية أكبر من دون ضمانات كافية للإصلاح السياسي أو احترام حقوق الإنسان.

ويرى مراقبون أن الإدارة الأمريكية تحاول الموازنة بين أهدافها السياسية والواقعية الاقتصادية في الشرق الأوسط، خاصة في ظل تصاعد نفوذ روسيا والصين في المنطقة. وقد يكون هذا الانفتاح التدريجي على سوريا محاولة لإعادة واشنطن إلى دائرة التأثير في ملف إعادة الإعمار الذي يقدَّر حجمه بمئات المليارات من الدولارات.

ومع أن التغيير في الموقف الأمريكي لا يزال في بداياته، إلا أن الترحيب الرسمي بالاستثمار في سوريا يعدّ إشارة رمزية قوية على أن مرحلة جديدة من الانخراط الأمريكي غير المباشر قد بدأت، ما قد يفتح الباب أمام إعادة رسم المشهد الاقتصادي والسياسي السوري خلال السنوات المقبلة.