في حادثة هزّت الأوساط الثقافية في ولاية كاليفورنيا، أعلنت شرطة أوكلاند عن سرقة نحو ألف قطعة أثرية من متحف أوكلاند في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس ، في واقعة وُصفت بأنها واحدة من أكبر السرقات التي يتعرض لها المتحف منذ تأسيسه.

شملت المسروقات مجوهرات معدنية وسلالًا يدوية تعود للأمريكيين الأصليين، بالإضافة إلى قطع فنية وتذكارات تاريخية نادرة.
وقالت شرطة أوكلاند في بيانها الصحفي إن عملية السرقة لم تقع داخل مبنى المتحف الرئيسي، بل في منشأة تخزين خارج الموقع، حيث كانت القطع محفوظة لأغراض الصيانة والأرشفة.
وأوضحت الشرطة أن التحقيقات لا تزال جارية، وأنها تعمل بالتعاون مع وحدة متخصصة من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في الجرائم الفنية والاتجار بالآثار والممتلكات الثقافية.

من جانبها، صرحت لوري فوجارتي، مديرة متحف أوكلاند، يوم الجمعة، أن الكشف عن تفاصيل الحادث جاء بعد مرور أسبوعين على السرقة، في محاولة لحشد دعم المجتمع المحلي، إذ يُحتمل أن تظهر بعض القطع في أسواق السلع المستعملة أو متاجر التحف أو محلات الرهن. وقالت فوجارتي: "إنها ليست خسارة للمتحف فحسب، بل خسارة للجمهور ولمجتمعنا بأكمله. نأمل أن يساعدنا الناس في استعادة هذه القطع التي تمثل جزءًا من ذاكرة كاليفورنيا وتاريخها الثقافي".

وأضافت المديرة أن الجريمة تبدو انتهازية وليست سرقة فنية منظمة، مشيرة إلى أن اللصوص "يبدو أنهم وجدوا طريقة للدخول إلى المبنى، واستولوا على ما وجدوه في متناول أيديهم ثم غادروا بسرعة". وتشمل القطع المسروقة قلادات صاغتها الفنانة الراحلة فلورنس ريسنيكوف، وعددًا من أنياب الفظ المزخرفة، وسلالًا تقليدية من صنع الأمريكيين الأصليين، إلى جانب تذكارات من القرن العشرين، مثل دبابيس الحملات الانتخابية والجوائز الرياضية.

ويُعد متحف أوكلاند أحد أبرز المؤسسات الثقافية في ولاية كاليفورنيا، حيث تأسس في أواخر ستينيات القرن الماضي ليكون منارة توثّق الفن والتاريخ والبيئة الطبيعية للولاية.
يضم المتحف ثلاثة أقسام رئيسية: قسم للفن الكاليفورني، وآخر للتاريخ الاجتماعي والسياسي، وثالث للتاريخ الطبيعي. وتغطي معروضاته فترات زمنية تمتد من أواخر القرن الثامن عشر وحتى اليوم، وتشمل أعمالًا فنية، وقطعًا أثرية، وصورًا فوتوغرافية، وتسجيلات صوتية، ونماذج طبيعية. كما نظم المتحف على مر السنين معارض مؤثرة عن حركة القوة السوداء والنشاط الطلابي في كاليفورنيا، مما جعله مساحة للتفاعل الاجتماعي والثقافي.
الخبير الأمني جون روميرو، وهو نقيب متقاعد من شرطة لوس أنجلوس وقائد سابق لوحدة الجرائم التجارية، أشار إلى أن بعض القطع قد تكون بيعت بالفعل عبر الإنترنت، على منصات مثل Craigslist وeBay أو عبر شبكات متخصصة في بيع التحف.
وقال روميرو: "غالبًا ما يسعى هؤلاء اللصوص إلى الحصول على نقود سريعة، دون إدراكهم للقيمة التاريخية والثقافية الحقيقية لما يسرقونه".

وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها متحف أوكلاند للسرقة، إذ شهد في يناير 2013 حادثة مشابهة عندما اقتحم رجل من المدينة المتحف وسرق صندوق مجوهرات يعود إلى حقبة حمى الذهب في كاليفورنيا، قبل أن تتم استعادته لاحقًا بمساعدة الجمهور.
وأعربت فوجارتي عن أملها في أن يتكرر هذا التعاون مرة أخرى لاستعادة القطع المسروقة، مؤكدة أن المتحف سيواصل العمل مع السلطات لحماية مقتنياته وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
بهذه السرقة، يجد متحف أوكلاند نفسه أمام تحدٍّ جديد لا يتعلق فقط باستعادة ما فقده من تراث، بل أيضًا بإعادة بناء الثقة المجتمعية في حماية الذاكرة الثقافية للولاية، في وقت تُعد فيه تلك المقتنيات رموزًا حية لتاريخ كاليفورنيا المتنوع والغني.