 
 
 
في زمنٍ تتقاطع فيه المصالح وتتصادم فيه الرؤى، يُبرز صوتٌ يُذكّر بأهمية «العراق» ومكانته التي لا تزول. «مارك سافايا»، مبعوث الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، يُؤكّد أن «العراق يحتفظ بأهمية استراتيجية للمنطقة وللولايات المتحدة».
وفي التفاصيل، أكد «مارك سافايا» مبعوث الرئيس الأمريكي الجديد إلى العراق، اليوم الجمعة، أنه لن يكون هناك مكان للجماعات المسلحة التي تعمل خارج نطاق سُلطة الدولة في «العراق»، مُطالبًا بتوحيد كافة الجماعات تحت قيادة واحدة.
وقال «سافايا»: إنه «على مدى السنوات الثلاث الماضية، اتخذت القيادة العراقية خطوات مُهمة لتوجيه البلاد نحو المسار الصحيح، سياسيًا واقتصاديًا. وبدأ العراق يستعيد عافيته كدولة ذات سيادة، ويعمل على الحد من التأثيرات الخارجية، ووضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الحكومة الشرعية... ومع ذلك، لم يكتمل العمل بعد، ولا يزال العراق بحاجة إلى دعم مستمر لمواصلة هذا المسار».
وأضاف مبعوث ترامب للعراق، في أول تصريح له، منذ تعيينه، في بيان نشره عبر حسابه في منصة «إكس»: «أوضحت الحكومة الأمريكية أنه لا مكان للجماعات المسلحة التي تعمل خارج نطاق سُلطة الدولة، ويعتمد استقرار العراق وازدهاره على وجود قوات أمنية مُوحدة تحت قيادة حكومة واحدة وراية واحدة تُمثّل جميع العراقيين. وبدون هذه الوحدة، ستظل سيادة العراق وتقدمه في خطر».

ورأى سافايا، أن «مصالح الشعب العراقي والمنطقة ككل تعتمد على عراق يتمتع بسيادة كاملة، خالٍ من التدخلات الخارجية الخبيثة، بما في ذلك من إيران ووكلائها، وملتزم بخدمة مواطنيه والعيش بسلام مع جيرانه».
وتابع مارك قائلاً: «في هذا السياق، تُعدّ الوحدة والتعاون بين السُلطات الاتحادية والإقليمية العراقية أمرًا أساسيًا لضمان الأمن المستدام والنمو الاقتصادي والتماسك الوطني».
كما أكد مبعوث الرئيس الأمريكي، أن «العراق دولة محورية في المنطقة، وعليه أن يُؤدي دوره الطبيعي في تعزيز السلام والأمن والاستقرار الإقليمي. ولا ينبغي للعراق أن يعود إلى الماضي أو يتبنى نهجًا يُعيق التقدم والوحدة».
وختم مارك سافايا قائلاً: «مُهمتي، نيابة عن الرئيس ترامب، هي التواصل مع العراق ودعم سعيه المستمر لتحقيق الاستقرار والسيادة والازدهار. ويظل العراق يحظى بأهمية بالغة للمنطقة والولايات المتحدة على حد سواء. وسيظل أحد أقوى شركاء أمريكا وأكثرهم قيمة، وأنا ملتزم بتعزيز هذه العلاقة مع تولي هذا المنصب المشرف كمبعوث».
بين ريادة صناعة «القنّب» والمهام الدبلوماسية الحساسة، يقف «مارك سافايا» اليوم في قلب القرار الأمريكي، بعد تعيينه مبعوثًا خاصًا للعراق بقرار من الرئيس «ترامب». شخصية غير مألوفة على الساحة السياسية، تحمل خلفيات غامضة وأسئلة كثيرة حول مستقبل مُهمته في بلد تعصف به الصراعات.
وفي التفاصيل، أعلن الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، عن تعيينه رجل الأعمال الأمريكي من أصل عراقي، «مارك سافايا»، مبعوثًا خاصًا لجمهورية العراق، ما دفع باسمه إلى صدارة المشهد السياسي الداخلي والدولي، مُرجعًا القرار إلى خبرته وارتباطاته في المنطقة العربية.
ويُعرف «مارك سافايا» بأنه رجل أعمال أمريكي بارز ورائد في صناعة «القنّب» بولاية ميشيجان، يبلغ من العمر (40) عامًا، والرئيس التنفيذي لشركة «ليف آند بد»، إحدى أسرع شركات القنّب نموًا في الولاية، وهو مولود لعائلة عراقية كلدانية هاجرت من العراق في تسعينيات القرن الماضي.
استقرت عائلته في منطقة ديترويت بولاية ميشيجان، التي تحتضن أكبر جالية كلدانية خارج العراق، وينتمي إلى الطائفة الكلدانية الكاثوليكية، حيث نشأ في بيئة معروفة بنجاحها في قطاعات التجارة والتجزئة، مما دفعه منذ صغره للميل نحو التجارة والأعمال الحرة التي كانت سببًا في شُهرته.
قبل دخوله صناعة «القنّب»، أمضى سنوات في إدارة وتملك العديد من المتاجر الصغيرة ومحطات الوقود، ثم بدأ مشواره المهني بالدخول إلى صناعة القنّب في ميشيجان، من خلال بوابة برنامج مقدّمي الرعاية الطبي الأمريكي، الذي يسمح بزراعة كميات محدودة منه للمرضى، ومع تشريع الاستخدام الترفيهي في الولاية عام 2018، أسس شركته التي سرعان ما أصبحت لاعبًا رئيسيًا في السوق.
استثمر سافايا عشرات الملايين من الدولارات في بناء وتجهيز منشآت زراعة ومعالجة على أحدث طراز، بما في ذلك مجمّع ضخم في ديترويت وآخر في سنتر لاين، ما أدى إلى خلق مئات الوظائف والمساهمة في الإيرادات الضريبية للمدن التي تعمل فيها شركته.
تُسيطر شركته على سلسلة الإنتاج بأكملها، من زراعة البذور إلى معالجة النباتات وصولًا إلى بيع المنتج النهائي للمستهلك في جميع أنحاء الولاية، حيث يستطيع الآن إنتاج أكثر من (50) سلالة مختلفة داخل المنزل باستخدام الزراعة العضوية في التربة، لتلبية طلبات المستهلكين.
بنى «سافايا» علاقته بالرئيس الأمريكي من خلال اشتراكه في نادي «مار-آ-لاجو» الخاص بترامب في فلوريدا، حيث بنى علاقة «وثيقة» ومباشرة معه، ووُصف بأنه «مؤيد قوي» له وداعم لحملاته الانتخابية، وتُوّجت هذه العلاقة بإعلان «ترامب» في (19 أكتوبر 2025) تعيين مارك سافايا «مبعوثًا خاصًا لجمهورية العراق».
وبرّر «ترامب» هذا الاختيار بالدور الفعّال الذي لعبه «سافايا» في حملته بولاية ميشيجان، وقدرته على حشد أصوات قياسية من الناخبين من أصول شرق أوسطية، بما في ذلك الكلدان، وشدّد على ما يتمتع به مارك من فهم عميق للعلاقة بين «العراق والولايات المتحدة» وارتباطاته في المنطقة، التي ستُساعد في تعزيز مصالح الشعب الأمريكي.
ويبقى السؤال الأبرز: هل سيُحدث «مارك سافايا»، برحلته غير التقليدية من عالم القنّب إلى السياسة، تحولًا ملموسًا في «ملف العراق»؟ الأيام المُقبلة فقط كفيلة بالإجابة على هذا التحدي الجديد الذي وضعه «ترامب» أمامه.