المغرب العربي

احتجاجات حاشدة في تونس تضامنًا مع سكان قابس ضد التلوث الصناعي

الأحد 26 أكتوبر 2025 - 04:43 م
هايدي سيد
الأمصار

شهدت العاصمة التونسية تونس، اليوم الأحد، تظاهرات واسعة شارك فيها مئات المواطنين، تضامنًا مع سكان مدينة قابس الواقعة في الجنوب الشرقي للبلاد، احتجاجًا على الأزمة البيئية الخانقة التي تسبب بها المجمع الكيميائي الحكومي نتيجة انبعاث الغازات السامة والتصريف المتكرر للنفايات في البحر.

ورفع المحتجون في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة لافتات تطالب بـ"العدالة البيئية" و"حق قابس في الحياة"، ورددوا شعارات تدعو إلى وقف ما وصفوه بـ"القتل البطيء للمدينة" بسبب التلوث الصناعي المستمر منذ عقود.

ويأتي هذا التحرك الشعبي بعد تفاقم الأزمة الصحية في قابس التونسية، حيث اشتكى السكان من ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض التنفسية وهشاشة العظام والسرطان، نتيجة الغازات السامة المنبعثة من مصانع الفوسفات، التي تقوم يوميًا بتصريف آلاف الأطنان من المخلفات في شاطئ السلام بالمدينة.

كما تصاعد الغضب الشعبي مؤخرًا عقب إصابة عشرات التلاميذ بصعوبات في التنفس جراء الأبخرة الصادرة عن مصنع تحويل الفوسفات إلى حمض الفوسفوريك والأسمدة، ما دفع الآلاف من سكان قابس إلى الخروج في مظاهرات تطالب بإغلاق الوحدات الصناعية الملوثة أو نقلها إلى مناطق غير سكنية.

وقال هاني فرج، أحد المشاركين في الاحتجاجات وعضو حملة "أوقفوا التلوث"، إن "شعب قابس يريد ببساطة أن يتنفس"، مضيفًا: "المدينة تموت ببطء، والدولة مطالبة بإغلاق الوحدات الملوثة فورًا. لن نصمت وسنواصل تحركاتنا السلمية حتى تتحقق مطالبنا".

وفي مواجهة تصاعد الغضب الشعبي، أعلنت الحكومة التونسية عن خطة عاجلة لصيانة الوحدات الصناعية التابعة للمجمع الكيميائي، ووقف التسربات السامة. كما كشف وزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني عن مشروع لبناء مستشفى متخصص في علاج السرطان بمدينة قابس لمواجهة تزايد الحالات الناتجة عن التلوث.

غير أن هذه الإجراءات لم تقنع المحتجين، الذين اعتبروا الحلول الحكومية "ترقيعية"، مطالبين بإغلاق دائم للمصانع المسببة للتلوث أو نقلها بعيدًا عن المناطق السكنية.

من جانبها، حذرت منظمات بيئية تونسية من استمرار تصريف أطنان من النفايات الصناعية في البحر، مؤكدة أن ذلك ألحق أضرارًا جسيمة بالثروة البحرية، وتسبب في انخفاض كبير بمخزون الأسماك، مما يهدد مصدر رزق مئات الصيادين المحليين ويهدد الأمن الغذائي في المنطقة الساحلية.

ويخشى مراقبون أن تمتد هذه الاحتجاجات البيئية إلى محافظات تونسية أخرى، في وقت تواجه فيه حكومة الرئيس قيس سعيد ضغوطًا متزايدة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وسط مطالبات متصاعدة باتخاذ إجراءات حاسمة لحماية البيئة والصحة العامة.