اقتصاد

تقارير: بريطانيا تواجه خطر التراجع الصناعي وسط ضبابية السياسات

الأحد 26 أكتوبر 2025 - 11:00 ص
ابراهيم ياسر
الأمصار

ذكرت صحيفة (الأوبزرفر) البريطانية في تقرير لها، أن قصة “مجاعة الزجاج” عام 1915 تعيد إلى الأذهان كيف يمكن لنقص مادة واحدة أن يهدد الأمن القومي لدولة بأكملها، ففي ذروة الحرب العالمية الأولى، كادت بريطانيا أن تنفد من الزجاج البصري المستخدم في المناظير وأجهزة القنص والتلسكوبات، وهو عنصر أساسي في المجهود الحربي ولم تجد لندن بُدًّا من التفاوض، عبر سويسرا، مع المزود العالمي الرئيس آنذاك – ألمانيا، رغم كونها العدو في الحرب، لكن المفارقة أن ألمانيا نفسها كانت تعاني من نقص في المطاط اللازم للإطارات، لتنتهي الأزمة باتفاق استثنائي في زمن الحرب: المطاط مقابل الزجاج.

 الهيئة التمثيلية الرسمية لقطاع التصنيع

وبحسب التقرير الذي نشرته الصحيفة البريطانية في عددها الأسبوعي، يرى فهين خان، الخبير الاقتصادي في الهيئة التمثيلية الرسمية لقطاع التصنيع والصناعة البريطانية "ميك يو كيه"، أن هذه القصة التاريخية تحمل درسًا مهمًا لا يزال صالحًا اليوم، محذرًا من أن بريطانيا قد تجد نفسها في وضع مشابه إذا لم تتحرك سريعًا لحماية قدراتها التصنيعية.
وقال خان:“علينا التفكير بما يتجاوز القيمة الاقتصادية، ما الذي يعنيه ألا تكون لدينا القدرة على صنع الأشياء داخل بلدنا؟ لقد رأينا ما حدث خلال الجائحة عندما واجهنا نقصًا في المعقمات والمعدات الطبية وأجهزة التنفس”.
وأضاف خان أن الولايات المتحدة أدركت أن الاستثمار في القدرات الإنتاجية المحلية جزء من الأمن القومي، داعيًا بريطانيا إلى تبني النهج نفسه.

الصناعة البريطانية 

تأتي تصريحاته في وقت تواجه فيه الصناعة البريطانية ضغوطًا غير مسبوقة، إذ أظهر اتحاد الصناعات البريطاني (CBI) أن توقعات الطلب للأشهر الثلاثة المقبلة هي الأضعف منذ عام 2020.

وذكر التقرير أن الهجوم السيبراني على شركة جاغوار لاند روفر، الذي بدأ في أواخر الصيف، يُتوقع أن يكلف الاقتصاد نحو 1.9 مليار جنيه إسترليني، وأدى إلى خسارة بعض الموردين لدفاتر طلباتهم بالكامل.

ويشير خان، الذي يشارك بانتظام في مشاورات السياسة الاقتصادية في وستمنستر، إلى أن التصنيع يمثل 47% من إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير في القطاع الخاص البريطاني، و17% من إجمالي استثمارات الأعمال، لكنه يحذر من أن مكانة بريطانيا كأحد أكبر 11 اقتصادًا صناعيًا في العالم مهددة بالتراجع، خصوصًا بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة.


وأوضح: “هناك الكثير من الضبابية حول خطط خفض أسعار الطاقة للمصانع اعتبارًا من عام 2027، وهذا يعرقل رؤية الشركات للمستقبل”.


أما بشأن أولوياته للميزانية المقبلة، فأشار إلى أن التركيز يجب أن يكون على “الإعفاءات الضريبية الثلاثة الكبرى”: مخصصات الضرائب الاستثمارية، وحوافز البحث والتطوير، ونظام صندوق البراءات الذي يمنح تخفيضًا ضريبيًا على الأرباح الناتجة عن الابتكارات المسجلة في المملكة المتحدة.


ويشير إلى أن هذا النظام “غير مستغل بالشكل الكافي”، إذ لم تستفد منه سوى 1,600 شركة العام الماضي، 94% منها شركات كبرى.


ويختم خان بالتأكيد على ضرورة تغيير النظرة التقليدية لمسارات النجاح المهني، مشيرًا إلى أن ارتفاع الرسوم الجامعية يجعل التعليم الفني والصناعي خيارًا أكثر واقعية للشباب، مضيفا : “في عالم يتسم بعدم اليقين والتقلبات الاقتصادية، يظل التصنيع الوطني أحد أكثر المسارات أمانًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمملكة المتحدة”.