حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن الوضع الإنساني في دولة السودان بلغ مرحلة الانهيار الكامل، واصفةً ما يحدث بأنه من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم خلال العقود الأخيرة.
وقال باتريك يوسف، المدير الإقليمي لإفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن النزاع المسلح الذي يضرب البلاد منذ أكثر من عامين ونصف أدى إلى معاناة إنسانية غير مسبوقة، مع نزوح أكثر من 13 مليون شخص قسريًا من منازلهم، وهو رقم يعد الأعلى على مستوى القارة الإفريقية في التاريخ الحديث.
وأوضح يوسف، في مقابلة تلفزيونية مع قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية، خلال برنامج «الحصاد الأفريقي»، أن العاصمة السودانية الخرطوم، التي كانت تضم ما يقارب 15 مليون نسمة، تحولت بالكامل إلى منطقة قتال مفتوح، مما أجبر معظم السكان على الفرار إلى ولايات أكثر أمنًا أو إلى دول الجوار، في وقت تواجه فيه الحدود السودانية ضغطًا هائلًا من تدفق اللاجئين.

وأكد المسؤول الدولي أن النزاع امتد ليشمل ولايات متعددة، أبرزها دارفور التي وصفها بأنها تشهد انهيارًا تامًا للنظام العام وغيابًا للخدمات الأساسية، مشيرًا إلى أن ما يزيد على 80% من المنشآت الصحية في عموم البلاد بات خارج الخدمة، نتيجة الدمار أو نقص الإمدادات والأدوية أو استهدافها المباشر خلال العمليات العسكرية. كما تعطلت شبكات المياه ومحطات الصرف الصحي، ما أدى إلى انتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا والتهاب الكبد الفيروسي وسوء التغذية الحاد بين الأطفال.
وأشار يوسف إلى أن استمرار إغلاق الطرق المؤدية إلى مناطق النزاع بسبب القتال أو القيود الأمنية يعيق وصول المساعدات الإنسانية، رغم الجهود المكثفة التي تبذلها اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتنسيق مع الحكومة السودانية والجهات المحلية. وأضاف أن العاملين في المجال الإنساني يواجهون مخاطر جسيمة أثناء أداء مهامهم، مما يعقّد من إمكانية إيصال المواد الغذائية والطبية إلى المحتاجين.
ودعا المدير الإقليمي للصليب الأحمر المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب السوداني، من خلال ضخ مساعدات عاجلة ودعم مبادرات وقف إطلاق النار، مؤكداً أن المدنيين يدفعون الثمن الأكبر لهذا النزاع، وأن تجاهل الوضع الحالي سيؤدي إلى تداعيات إقليمية خطيرة تهدد استقرار دول الجوار الإفريقي.