مع تصاعد الحديث عن صفقة تبادل الأسرى المحتملة بين إسرائيل وحركة حماس، يعود اسم القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي إلى الواجهة مجددًا، بوصفه أحد أبرز الرموز الوطنية الفلسطينية، وأحد أكثر الشخصيات التي تحظى بشعبية واسعة في الشارع الفلسطيني.

وتزايدت التكهنات مؤخرًا حول إمكانية أن يكون الإفراج عنه جزءًا من أي تسوية قادمة، بل وطرحت بعض التحليلات اسمه كخيار محتمل لقيادة غزة في مرحلة ما بعد الحرب، غير أن المعطيات الميدانية والسياسية الحالية لا تؤكد مثل هذا السيناريو.
وُلد مروان البرغوثي عام 1959 في قرية كوبر شمالي رام الله بالضفة الغربية، وانخرط في صفوف حركة فتح وهو في الخامسة عشرة من عمره.
برز اسمه منذ سبعينيات القرن الماضي كأحد قيادات حركة الشبيبة الفتحاوية، الذراع الطلابي للحركة.
اعتُقل للمرة الأولى عام 1976 بتهمة الانتماء إلى تنظيم محظور، وأمضى عدة سنوات في السجن قبل أن يُفرج عنه.
لاحقًا، درس في جامعة بيرزيت، حيث حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية، ثم على الماجستير في العلاقات الدولية عام 1998.

خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987–1993) ثم الثانية (2000–2005)، برز البرغوثي كأحد أبرز الوجوه الميدانية والسياسية في الضفة الغربية.
وفي عام 1996، انتُخب عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح، وأصبح من الشخصيات المؤثرة داخل الحركة، معروفًا بخطابه الداعي إلى المقاومة الشعبية والمصالحة الوطنية.
ورغم وجوده في السجن منذ عام 2002، ظل البرغوثي يتمتع بشعبية واسعة بين الفلسطينيين، حيث يُنظر إليه كشخصية توحّد ما بين نهج المقاومة والعمل السياسي، ويعتبره كثيرون "مانديلا فلسطين".
اعتقل الجيش الإسرائيلي مروان البرغوثي في أبريل/نيسان عام 2002، خلال الاجتياح الواسع للضفة الغربية في عملية "السور الواقي".
وفي عام 2004، أصدرت محكمة إسرائيلية حكمًا بسجنه خمسة مؤبدات وأربعين عامًا إضافية بتهم تتعلق بتنظيم هجمات خلال الانتفاضة الثانية.
ومنذ ذلك الوقت، يقضي البرغوثي محكوميته في السجون الإسرائيلية، متنقلًا بين عدة معتقلات أبرزها سجن هداريم. ويُعد اليوم من أقدم وأبرز الأسرى الفلسطينيين على الإطلاق.

من داخل الزنزانة، لم يتوقف البرغوثي عن ممارسة دوره السياسي والفكري، إذ شارك في عام 2006 في صياغة وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، التي دعت إلى الوحدة بين الفصائل الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة على حدود 1967.
ويحظى البرغوثي باحترام واسع داخل مختلف الفصائل، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، الذين يعتبرونه رمزًا للوحدة الوطنية والمقاومة.
ترفض إسرائيل بشكل قاطع إدراج اسم مروان البرغوثي في أي صفقة تبادل أسرى، وتعتبره "رمزًا للإرهاب" بحسب وصفها الرسمي.
وخلال مفاوضات متعددة بين إسرائيل وحماس على مدار السنوات الماضية، طرحت الحركة اسم البرغوثي ضمن شروطها للإفراج، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت ذلك مرارًا، بحجة أن إطلاقه سيعزز من قوة حركة فتح ويشكل تهديدًا سياسيًا وأمنيًا في المستقبل.
ووفق تقارير حديثة صادرة عن صحف مثل The Times of Israel وLe Monde (أكتوبر 2025)، أكدت إسرائيل أن أي اتفاق لتبادل الأسرى "لن يشمل" مروان البرغوثي، رغم إصرار حماس على إدراجه ضمن الصفقة.

رغم كثرة الحديث في بعض الأوساط الإعلامية والسياسية عن احتمال إطلاق سراح البرغوثي ليكون جزءًا من ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، فإن هذه الفرضية لا تستند إلى أي مؤشرات عملية حتى الآن.
مصادر إسرائيلية رسمية نفت وجود نية لإطلاق سراحه، فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن بعض الوسطاء الدوليين طرحوا فكرة "دور رمزي" له في المستقبل كجزء من قيادة فلسطينية موحدة تضم شخصيات من فتح وحماس والمستقلين.
غير أن هذا السيناريو يظل افتراضيًا وبعيد المدى، لأن الإفراج عنه يتطلب توافقًا سياسيًا وأمنيًا معقدًا، بالإضافة إلى موافقة إسرائيلية غير متوقعة في المدى القريب.
ويؤكد محللون أن الحديث عن "توليه حكم غزة" يعكس أكثر رغبات فلسطينية داخلية في قيادة موحدة، لا خطة إسرائيلية حقيقية.
يتمتع بشعبية واسعة في الضفة الغربية وداخل المخيمات.
يجمع بين شرعية المقاومة والنضال السياسي.
يُعتبر جسراً محتملاً بين فتح وحماس.
يُنظر إليه كخليفة محتمل للرئيس محمود عباس.
يُمثل رمزًا للاستمرارية الوطنية الفلسطينية.
الإبقاء على وضعه الحالي: تواصل إسرائيل رفض الإفراج عنه مع استخدام اسمه كورقة تفاوضية رمزية.
إطلاق مشروط أو محدود: في حال صفقة شاملة، قد يتم إطلاق سراحه إلى بلد ثالث أو إلى غزة، لكن بترتيبات أمنية مشددة.
إفراج سياسي أوسع: إذا تغيرت المعادلة الإقليمية، قد يُطرح اسمه ضمن قيادة انتقالية جديدة أو مصالحة فلسطينية داخلية.
يظل مروان البرغوثي رمزًا وطنيًا بارزًا في التاريخ الفلسطيني الحديث، ورغم وجوده خلف القضبان منذ أكثر من عقدين، فإن تأثيره السياسي والشعبي لا يزال قويًا داخل الساحة الفلسطينية.
أما الحديث عن إطلاق سراحه ليحكم غزة، فهو حتى اللحظة مجرد تكهن سياسي غير مدعوم بأي خطوة رسمية من الجانب الإسرائيلي، لكنه يعكس في الوقت ذاته حلمًا فلسطينيًا بتوحيد القيادة تحت راية شخصية تحظى بإجماع وطني واسع.