اجتاحت العاصفة الاستوائية ميليسا، يوم أمس الأربعاء 22 أكتوبر 2025، أجزاءً واسعة من منطقة الكاريبي، واضعة كلّاً من هايتي وجمهورية الدومينيكان وجامايكا في دائرة الخطر بسبب الأمطار الغزيرة والرياح القوية واحتمال حدوث فيضانات وانهيارات طينية.
وقد دفعت السلطات إلى إصدار تحذيرات وإغلاق من المدارس والدوائر الحكومية، في محاولة للحد من آثار العاصفة الناجمة عن هذا النظام الجوي النشط.
تشير التنبؤات الصادرة عن المركز الوطني للأعاصير في الولايات المتحدة (NHC) ووسائل الأرصاد إلى أن ميليسا تتحرك ببطء وتتموضع فوق مياه بحر الكاريبي شديدة الدفء، ما يزيد من فرص تشكّلها للتعرّض لتصعيد سريع في القوة.
حالياً، تبلغ سرعة الرياح المستدامة للعاصفة نحو 50 ميلاً في الساعة (≈80 كلم/ساعة)، بينما تتحرك غرباً بسرعة منخفضة.
الأمر الأكثر خطورة هو توقع كميات أمطار كبيرة: المناطق الجنوبية من هايتي وجمهورية الدومينيكان قد تستقبل بين 5 و10 بوصات (12–25 سم) بحلول الجمعة، وربما أكثر في بعض القطاعات الجبلية.
أما في الجامايكا والمناطق الشمالية من هيسبانيولا، فتتراوح الكميات بين 2 و4 بوصات تقريباً (≈5–10 سم) مع مخاطرة متزايدة للفيضانات.
تُعدّ هذه الأمطار غير المعتادة عنيفةً بما يكفي لإطلاق تحذيرات من فيضانات مفاجئة، خصوصاً في مناطق تضمّ تربة متآكلة أو تضاريس جبلية، كما هو الحال في هايتي.
في جمهورية الدومينيكان، أعلن الرئيس لويس أبينادر إغلاق المدارس في تسع مقاطعات ليومي الأربعاء والخميس، ووضع الشركات غير الضرورية والدوائر الحكومية تحت إشارة توقف مؤقت.
وسعى عشرات السكان في جنوب البلاد إلى ملاجئ تحضّراً للسماء الممطرة، بينما جهّزت فرق الإنقاذ عشرات من المتطوعين لدعم الخطوط الأمامية.
أما في جامايكا، فقد أعلنت الوزارة المكلفة بالشؤون البيئية والمياه أنها جمّعت نحو 881 مأوى جاهزاً لاستقبال المتضرّرين، وأُغلقت المحاكم وتحول التدريس إلى التعليم عن بعد اعتباراً من الخميس.
كذلك، تعطلت شبكات إمداد المياه في بعض المناطق، ما أثر في أكثر من نصف مليون مشترك بـتغذية المياه.
تاريخياً، تواجه هايتي مخاطر مضاعفة بسبب تضاريسها الوعرة وانتشار التعرّض لتآكل التربة والعواصف السابقة التي أدّت إلى خسائر بشرية ومادية واسعة. ومع الأمطار المتوقّعة، يُخشى أن تكون ميليسا سبّاقة في إطلاق فيضانات وانهيارات طينية كبيرة.
إلى جانب ذلك، سيكون البطء في تحرك العاصفة أحد العوامل التي تزيد من فرص التفاقم، إذ إن العواصف البطيئة تُمكّن من ترسيب كميات هائلة من الأمطار على نفس المنطقة.
من المتوقع أن تتجه مسارات العاصفة نحو شمال-غرب منطقة الكاريبي أو حتى تبتعد غرباً نحو أمريكا الوسطى، لكن المسار لا يزال غير محسوم.
إذا ما استمرت ميليسا فوق مياه دافئة وانخفضت عوامل القصّ في الغلاف الجوي، فهناك احتمال قوي لتصعيدها إلى إعصار من الفئة 3 أو أكثر، كما حذّرت بعض النماذج.
المفتاح في هذه المرحلة ليس فقط الرياح بل “الكم الكبير من الأمطار على مدى طويل” — وهو عنصر يُعدّ السبب الرئيسي للوفيات في العواصف المدارية في تلك المنطقة.
العاصفة ميليسا تمثّل اختباراً جديداً وجادّاً للدول الثلاث في الكاريبي: هايتي، جمهورية الدومينيكان، وجامايكا.
مع إعلان الإغلاقات وتنبيه الأهالي، يبقى التحدّي قائماً على مستوى البنية التحتية، والاستجابة السريعة، والتوقع الدقيق لتحرك العاصفة. يُعدّ انتشار المياه، وانقطاع الإمدادات، وانهيارات التربة بين أعلى المخاطر المحتملة في هذا المشهد.
ينبغي على السكان في المناطق المنخفضة أو المعرضة للفيضانات أن ينتقلوا إلى مناطق أكثر أماناً، وأن يتابعوا التعليمات الرسمية بجدّية.