فيما تتجه الأنظار نحو تصاعد الأحداث في «غزة»، تأتي رسالة «إسرائيلية» صارمة تُعلن رفضها لأي «تدخل تركي في القطاع»، مُوجهة بذلك تحذيرًا واضحًا للولايات المتحدة. هذه الخطوة تضع جميع الأطراف المعنية أمام اختبار حقيقي حول قدرة إدارة الأزمة الإقليمية في ظل الظروف المُتوترة.
وفي التفاصيل، أفادت صحيفة «معاريف» العبرية، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، وجّه رسالة إلى الولايات المتحدة أكد فيها «رفض تل أبيب لأي وجود تركي في قطاع غزة».
وجاء ذلك في ظل التقارير عن اتصالات مُكثفة تُجريها الإدارة الأمريكية لتشكيل «قوة دولية في غزة» عقب وقف إطلاق النار.
وأوضحت الصحيفة العبرية، أن «نتنياهو عبّر عن هذا الموقف خلال سلسلة لقاءات جمعته بكبار المسؤولين الأمريكيين المكلفين بمتابعة المرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة».
ونقلت «معاريف» عن مصادر دبلوماسية، أن «نتنياهو» شدد في محادثاته مع «ويتكوف» مبعوث الرئيس الأمريكي، ومستشار ترامب وصهره «كوشنر»، على أن «أي محاولة لإدخال تركيا في المشهد الغزي تُمثّل تجاوزًا لخط أحمر إسرائيلي».
وبحسب المصادر ذاتها، اعتبر «نتنياهو» أن تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان «طرف مُعادٍ» بالمنطقة، مُدّعيًا دعمها السياسي والمالي خلال السنوات الماضية لحركة «حماس»، وهو ما يجعل مشاركتها في أي جهود دولية، حتى لو كانت إنسانية أو مدنية، أمرًا غير مقبول بالنسبة لإسرائيل، وفق رأيه.
تأتي هذه التصريحات في وقت تُكثّف فيه «واشنطن» اتصالاتها مع «إسرائيل» وعدد من العواصم العربية والغربية لوضع ترتيبات ما بعد الحرب، بما يشمل تشكيل قوة مُتعددة الجنسيات للإشراف على الأمن وإدارة المعابر الحدودية مُؤقتًا، غير أن موقف إسرائيل الرافض للدور التركي يُضيف حسب الصحيفة «عقبة سياسية جديدة» أمام جهود توسيع قاعدة الشركاء الدوليين في هذه الخطة.
هذا، ومن المقرر أن يلتقي «نتنياهو»، اليوم الأربعاء، في القدس بنائب الرئيس الأمريكي، «جي دي فانس»، الذي وصل أمس الثلاثاء، إلى إسرائيل في زيارة تستمر (48 ساعة) ضمن مساعي واشنطن لتسويق خطتها بشأن غزة.
إقالة مُفاجئة هزّت أروقة «الحكومة الإسرائيلية»، حيث قرر رئيس الوزراء، «بنيامين نتنياهو»، إنهاء ولاية «تساحي هنغبي» على رأس مجلس الأمن القومي. القرار، الذي فاجأ الأوساط السياسية، يعكس تحوّلات غير متوقعة في السُلطة الإسرائيلية، ويُثير تساؤلات حول خلفياته وأسباب اتخاذه في هذا التوقيت الحساس.
وفي التفاصيل، أعلن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، «تساحي هنغبي»، إنهاء ولايته «اعتبارًا من اليوم»، بعدما أبلغه رئيس الحكومة، «بنيامين نتنياهو» بنيّته تعيين شخص جديد في المنصب.
وأوضحت تقارير إسرائيلية، أن الخلافات بين الرجلين تصاعدت حول «قضايا أمنية جوهرية»، بما في ذلك معارضة هنغبي لعملية «عربات جدعون 2» لاحتلال مدينة غزة، وتأييده «صفقة على مراحل» لتبادل الأسرى، و«رفضه للهجوم على قطر».
وبلغ الخلاف ذروته عندما لم يُرافق هنغبي نتنياهو في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، وسط تقارير عن مواجهة حادة بين الطرفين في أحد الاجتماعات انتهت بمغادرة هنغبي مكتب نتنياهو غاضبًا.
ونقلت قنوات إعلامية مُقربة من نتنياهو عن محيطه اتهامات بأن هنغبي «دعم باستمرار صفقة جزئية، وعارض احتلال مدينة غزة، وانتهج خطًا رخوًا في ما يتعلق بالمعركة مع حماس».
وجاء إعلان إنهاء الولاية في بيان شخصي لهنغبي، حيث شكر رئيس الحكومة على «الفرصة في سنوات صعبة لصياغة سياسة إسرائيل الخارجية والأمنية»، مُؤكّدًا على «إمكانية إبداء موقف مستقل في نقاشات حساسة».
وشدد «هنغبي» على أن «المُهمة لإعادة جميع الأسرى لم تكتمل بعد»، ودعا إلى تحقيق شامل في إخفاقات السابع من أكتوبر 2023.
وأصدرت رئاسة الحكومة الإسرائيلية بيانًا أشادت فيه بخدمة «هنغبي» خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأعلنت تعيين نائب رئيس المجلس، «غيل رايخ»، قائمًا بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي اعتبارًا من اليوم.
وحذّر مراقبون من أن هذه الخطوة «قد تدفع قادة الأجهزة الأمنية إلى التردد في إبداء آرائهم المهنية إذا خالفت توجهات نتنياهو»، مما قد يُؤثر سلبًا على عملية اتخاذ القرارات الأمنية الحساسة.
ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه «الإدارة الإسرائيلية» انقسامات حادة حول «استراتيجية الحرب في غزة ومسار مفاوضات تبادل الأسرى».
في مشهدٍ سياسيّ غير مألوف، اجتمع قادة الإقليم والعالم في مدينة «شرم الشيخ» المصرية، تحت أضواء الكاميرات وعدسات التاريخ، لتُوقَّع اتفاقية قيل إنها ستُغيّر ملامح الشرق الأوسط... لكن «الكرسي الإسرائيلي» ظلّ خاليًا. غياب «بنيامين نتنياهو»، رئيس وزراء إسرائيل، عن قمةٍ بحجم شرم الشيخ لم يكن مُجرد تفصيل بروتوكولي، بل بدا كأنه سطر ناقص في مشهد السلام، يحمل من الرسائل والدلالات ما يتجاوز حدود الغياب. فهل كان «نتنياهو» مُستبعدًا عمدًا من الحدث؟ أم أنه غاب هروبًا من واقع سياسي مُربك داخليًا وخارجيًا؟ وهل تعكس القمة تحوّلًا إقليميًا جديدًا يرسم معادلة سلام لا مكان فيها لمنطق القوة؟