أكدت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Nature Communications البريطانية في أكتوبر 2025، أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالرجال.
الدراسة ركزت على العوامل الجينية والهرمونية وتأثيرها على الدماغ، ما يفسر انتشار الاكتئاب بين النساء بمعدل ضعف الرجال، ويؤكد البحث أهمية مراعاة الفروق بين الجنسين عند تشخيص وعلاج الاكتئاب، لضمان استراتيجيات علاجية أكثر فعالية وإنسانية.
أكد الباحثون أن الاكتئاب اضطراب نفسي معقد، تتشابك فيه المشاعر مع عوامل وراثية وبيولوجية ونفسية. وأظهرت الدراسة أن النساء لديهن ضعف عدد العلامات الجينية المرتبطة بالاكتئاب مقارنة بالرجال، مما يجعلهن أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.
كما أشارت د. زينة أحمد معماري، استشارية الصحة النفسية من دبي، إلى أن الدماغ النسائي يختلف عن دماغ الرجل بسبب تأثير الهرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون، بينما الرجل يتأثر بالهرمون الذكري التستوستيرون، هذه الفروق تجعل النساء أكثر حساسية للضغوط والتقلبات الهرمونية، وتزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
أوضحت د. زينة أن النساء لديهن قدرة أعلى على التعبير عن المشاعر والتواصل الاجتماعي، ما يعزز التفاعل العاطفي لكنه قد يزيد من تعرضهن للاكتئاب عند مواجهة مشكلات نفسية أو اجتماعية. بينما يميل الرجال إلى الانعزال عند الشعور بالاكتئاب.
وأضافت أن التعافي من الاكتئاب عند النساء يعتمد على بيئة داعمة، تشمل الدعم النفسي، العاطفي والمادي، حيث يساهم كل جانب من هذه الجوانب في تحسين الحالة النفسية وتقليل شدة الأعراض.
أكدت د. زينة على ضرورة متابعة الحالة البيولوجية للنساء، مثل فقر الدم الناتج عن الدورة الشهرية أو الولادة، والذي قد يزيد من أعراض الاكتئاب، وشددت على أن علاج الاكتئاب يجب أن يبدأ بالعلاج النفسي المبكر، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، مع اللجوء للأدوية المضادة للاكتئاب في الحالات التي لا تستجيب للعلاج النفسي وحده.
بيّنت د. زينة أن الاكتئاب يظهر عند الرجال غالبًا نتيجة ضغوط مالية أو مهنية، بينما تتأثر النساء بشكل أكبر بالمشكلات العائلية والعاطفية، موضحة أن النساء اللاتي تتوافر لهن بيئة داعمة وسليمة نفسيًا قد تتعافين بسرعة، بينما في البيئات غير الحاضنة قد تستمر الأعراض لفترات أطول.
وشددت على أن الاكتئاب ليس ضعفًا، بل هو جرس إنذار يحتاج إلى التعامل معه بحكمة ورعاية، مع مراعاة الفروق بين الجنسين في العلاج والتشخيص.
تفتح هذه الدراسة الباب لفهم أعمق للاكتئاب عند النساء، وتؤكد ضرورة اعتماد استراتيجيات علاجية تراعي الفروق الجينية والهرمونية والاجتماعية بين الجنسين، لضمان صحة نفسية أفضل، وتحقيق دعم نفسي فعال للنساء اللواتي يواجهن هذا الاضطراب المعقد.