الشام الجديد

الأردن.. إغلاق مركز الإمام الألباني بعد نشاطه لربع قرن

السبت 18 أكتوبر 2025 - 10:48 ص
ابراهيم ياسر
الأمصار

أثار قرار وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية بإغلاق جمعية مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث جدلا واسعا في الأوساط السياسية والدينية.

ويأتي ذلك وسط اتهامات رسمية بنشر أفكار "تمس الثوابت الدينية وتخل بوحدة المجتمع"، وتكهنات بوجود توجه رسمي نحو مأسسة التيار الصوفي الأشعري على حساب "السلفية العلمية" في المملكة.

 

جدل في الأردن بعد إغلاق مركز إسلامي بدعوى مخالفات فكرية ومطالبات بتوضيحات حكومية

 

القرار الذي صدر بتاريخ 14 أكتوبر الجاري استند إلى توصية من لجنة ترخيص المراكز الإسلامية، بحجة أن المركز بات يروج لأفكار "تتعارض مع الفكر الديني العام وتحدث شرخا في التنوع الثقافي والاجتماعي"، ما أثار استهجانا واسعا لدى عدد من النواب والخبراء والناشطين.

النائب البرلماني خميس عطية، رئيس كتلة "إرادة والوطن الإسلامي"، قدم سؤالا نيابيا رسميا إلى الحكومة يطالب فيه بتوضيح دقيق ومفصل لطبيعة المخالفات التي دفعت إلى الإغلاق، مؤكدا أن المركز عمل طيلة 15 عاما في خدمة المجتمع، عبر تدريس العلوم الشرعية والتواصل مع العلماء والاهتمام بالمرأة والأسرة والمشاركة في الأعمال الخيرية.

ويرى مراقبون أن القرار يفهم في سياق أوسع يتعلق بـ"إعادة هيكلة الهوية الدينية" في الأردن. ففي يوليو الماضي، أقرت الحكومة لأول مرة "نظام التكايا والزوايا"، والذي يتيح تشكيل مجلس رسمي للطرق الصوفية ويمنحها إطارا قانونيا وترخيصا للعمل العلني.

وفي هذا السياق، يربط الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية بين إغلاق مركز الألباني، الذي يمثل التيار السلفي العلمي وبين ما وصفه بـ"التوجه الرسمي نحو دعم التيار الصوفي الأشعري ومذهب الشافعية" كجزء من سياسة "ضبط الخطاب الديني" المتبعة في عدد من الدول العربية منذ سنوات.

وقال أبو هنية في تصريح صحفي: "السلفية العلمية التي أسسها الشيخ الألباني تميزت بخطاب علمي تقليدي بعيد عن السياسة وظهرت كمقاربة رسمية لمواجهة التيارات الجهادية بعد أحداث 11 سبتمبر، لكنها فشلت برأي بعض الأنظمة في التأثير خلال الربيع العربي، ما دفع للتفكير بخيارات بديلة أكثر توافقا مع توجهات الدولة".

يذكر أن مركز الإمام الألباني تأسس في عام 2001، بعد وفاة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بعامين وهو أحد أبرز علماء الحديث والسلفية العلمية في القرن العشرين، والذي استقر في الأردن بعد تنقلات بين دمشق وبيروت.

وقاد المركز بعده الشيخ علي الحلبي ومن ثم الشيخ مشهور حسن آل سلمان، وبلغ عدد أتباع التيار وفق تقديرات غير رسمية نحو 10 آلاف مريد داخل الأردن.

ورغم أن التيار السلفي العلمي يرفع شعار "ترك السياسة"، إلا أن بعض رموزه لعبوا أدوارا في مواجهة الفكر الجهادي المتطرف وهو ما دفع دولا عدة لتبنيهم في مراحل سابقة ضمن "استراتيجية تفكيك التطرف"، قبل أن يتغير المشهد تدريجيا لصالح النموذج الصوفي الرسمي.

قرار الإغلاق لم يمر بهدوء على المستوى الإعلامي، حيث خصصت إذاعة "حسنى" المحلية واسعة الانتشار، فقرات للحديث عن القرار وانتقد أحد مذيعيها قرار وزارة الأوقاف، متسائلا عن معايير "الوسطية" التي تمنع مركزا شرعيا بينما تسمح بترخيص محلات لبيع المشروبات الكحولية.

ومن المتوقع أن يطرح الملف تحت قبة البرلمان مع بدء أعمال الدورة الجديدة لمجلس الأمة في 26 أكتوبر الجاري، ما قد يفتح الباب لمواجهة سياسية حول ضبط الحريات الدينية وتوزيع النفوذ داخل المشهد الديني الأردني بين من يرى في القرارات الرسمية "خطوة إصلاحية لحماية التعددية" ومن يعتبرها "محاولة لإقصاء تيار ديني أصيل" عمل لعقود بعيدا عن التطرف والعنف.