تشهد العلاقات الاقتصادية بين البرازيل والصين مرحلة جديدة من التقارب، في ظل ما وصفه مراقبون بـ"التحول الاستراتيجي" الذي أحدثته السياسات التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتي دفعت عدداً من الاقتصادات الناشئة إلى البحث عن بدائل وشراكات جديدة لتقليل اعتمادها على السوق الأمريكية.
ووفقاً لتقارير نشرتها وكالة بلومبرغ، فإن بكين وبرازيليا تتحركان بشكل متسارع نحو توسيع حجم التبادل التجاري بينهما إلى ثلاثة أضعاف خلال السنوات القليلة المقبلة، في إطار سعيهما لتشكيل جبهة اقتصادية قادرة على مواجهة تداعيات الحرب التجارية التي تقودها واشنطن.
ويجتمع هذا الأسبوع في العاصمة الهندية نيودلهي عدد من كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال من البلدين، لبحث فرص التعاون في مجالات الزراعة والطاقة النظيفة والوقود الحيوي والدفاع. ويقود الوفد البرازيلي نائب الرئيس جيرالدو ألكمين، بمشاركة ممثلين عن شركات كبرى مثل بتروبراس للنفط وفالي للتعدين وبي آر إف للأغذية.
وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن سياسات ترمب قد تُكلف البرازيل والصين نحو نقطة مئوية من نموهما الاقتصادي السنوي، نتيجة الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على سلع البلدين، والتي وصلت في بعض القطاعات إلى 50%.
وأوضحت التقارير أن البرازيل وجهت نحو 12% من صادراتها إلى السوق الأمريكية خلال العام الماضي، ما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالقيود التجارية الجديدة. وتسعى برازيليا حالياً إلى تنويع أسواقها عبر توسيع التعاون مع الهند، العضو المؤسس في مجموعة بريكس إلى جانب الصين وروسيا وجنوب إفريقيا.
من جانبه، أكد تياغو دي أراغاو، رئيس شركة الاستشارات “آركو إنترناشونال” في واشنطن، أن “الحرب التجارية التي يقودها ترمب تدفع الاقتصادات الناشئة إلى إعادة هيكلة تحالفاتها التجارية العالمية، بحثاً عن توازن جديد يضمن لها حماية مصالحها الاستراتيجية”.
وتتجه نيودلهي بدورها إلى تعزيز التعاون مع بكين وبرازيليا، في الوقت الذي تحاول فيه موازنة علاقاتها مع واشنطن دون الدخول في صدام مباشر مع إدارة ترمب، خصوصاً بعد فرض رسوم جديدة على الواردات الهندية إثر استمرارها في شراء الوقود الروسي.
ويرى محللون أن تحالف بكين – برازيليا – نيودلهي قد يشكل نواة لمحور اقتصادي جديد في العالم النامي، هدفه الأساسي تقليل الهيمنة الأمريكية على سلاسل الإمداد العالمية وإيجاد أسواق بديلة تدعم نمو الصناعات الوطنية في هذه الدول.
ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن فك الارتباط الكامل عن الاقتصاد الأمريكي يظل مهمة شبه مستحيلة في المدى القريب، بالنظر إلى تشابك المصالح التجارية والمالية بين واشنطن وهذه الاقتصادات الصاعدة، إضافة إلى اعتمادها الكبير على التكنولوجيا ورؤوس الأموال الغربية.
ويؤكد الباحث في العلاقات الدولية ماتياس سبيكتور من جامعة “جيتوليو فارغاس” البرازيلية أن "الولايات المتحدة ما تزال توفر للأسواق الناشئة فرصاً تجارية وتمويلية يصعب استبدالها، رغم سعي هذه الدول لبناء نظام تجاري عالمي أكثر توازناً".