بين نيران السياسة والتهديدات المباشرة، تتصدر أزمة «نزع سلاح حماس» المشهد بعد تحذير ناري من الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب». وبينما تردد صدى هذه الرسالة في أروقة السُلطة الإسرائيلية، جاء إعلان «نتنياهو» بأنه استوعب حجم التهديد، ليزيد من وتيرة التوتر ويضع المنطقة على شفا لحظة فاصلة.
وفي التفاصيل، أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، في أحدث تصريحاته «المُتوترة»، بأنه سمع جيدًا تحذير الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» بأن على حركة حماس أن «تتخلى عن سلاحها أو سينفجر الجحيم».
وقال «نتنياهو» في مقابلة مع شبكة «CBS» الأمريكية: إن «شروط الرئيس ترامب واضحة جدًا: إما أن تنزع حماس سلاحها بالكامل، أو ستُجبر على ذلك»، مُضيفًا: «سمعت ما قاله ترامب، وهو يعني فعلا أن الجحيم سينفجر. آمل ألا نصل إلى هذا، ونأمل أن يتم الأمر بطريقة سلمية، لكننا مستعدون لكل الاحتمالات».
وجاءت تصريحات «نتنياهو» بعد يوم من إعلان «ترامب» من تل أبيب انتهاء الحرب في غزة وبدء تنفيذ المرحلة الأولى من خطته ذات العشرين بندا، والتي تشمل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الطرفين. وقد تم الإفراج عن (عشرين) أسيرًا إسرائيليًا مقابل نحو (ألفي) أسير فلسطيني، بينما لا تزال جثث أسرى إسرائيليين في انتظار التسليم.
وأضاف نتنياهو، في مقابلة حصرية مع برنامج (CBS Mornings) في تل أبيب:«لقد اتفقنا على منح السلام فرصة، لكن المرحلة المُقبلة يجب أن تبدأ بتسليم السلاح. أولًا، على حماس أن تتخلى عن أسلحتها. وثانيًا، يجب التأكد من عدم وجود مصانع أسلحة داخل غزة، ولا تهريب للسلاح إلى القطاع. هذا ما نسميه نزع السلاح الكامل».
لكن ورغم الإعلان الأمريكي عن «مرحلة السلام»، فإن لهجة «التهديد» الإسرائيلية تكشف أن الحديث عن «نزع سلاح حماس» ما زال يُمثّل جوهر الصراع. فبينما تصرّ تل أبيب وواشنطن على تحويل غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، تُؤكّد فصائل المقاومة الفلسطينية أن سلاحها هو «ضمانة البقاء وردع الاحتلال».
ويرى مراقبون أن تصريحات «نتنياهو» الأخيرة تحمل نبرة «استعلاء وتهديد»، وتُؤشر إلى أن إسرائيل لا تزال تُراهن على الضغط العسكري، لا على الحل السياسي. كما تكشف أن «خطة السلام» لا تتجاوز كونها هُدنة مُؤقتة بانتظار جولة جديدة من التصعيد، في ظل استمرار الاحتلال وغياب أي أفق حقيقي لإنهاء الحصار أو الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة.
ورغم محاولات «نتنياهو» الظهور بمظهر من يسعى للسلام، فإن تلميحه إلى أن «الجحيم قد ينفجر» يختصر حقيقة الموقف الإسرائيلي بسلام مفروض بالقوة، يمر عبر «التهديد والابتزاز، لا عبر العدالة والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني».
في المقابل، رفضت «حماس» فكرة التخلي عن السلاح، فيما حذّر «ترامب»، أمس الثلاثاء، قائلًا: «إذا لم تنزع حماس سلاحها، فسوف ننزع سلاحها نحن... وسيحدث ذلك بسرعة وربما بعنف، لكنهم سيُجردون من السلاح».
ويُمثّل «تبادل الأسرى» خطوة محورية في اتفاق يهدف لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين في غزة، ووضع أسس «سلام دائم» في منطقة أنهكتها الصراعات لعقود. وتتضمن الخطة كذلك انسحاب إسرائيل من أجزاء من قطاع غزة، وإرسال مساعدات إنسانية فورية للقطاع الذي يُعاني من المجاعة، لكنها لا تُحسم القضايا الأكثر حساسية مثل «إدارة غزة بعد الحرب، وقيام الدولة الفلسطينية، ونزع سلاح حماس».
في ظل هذا التصعيد اللافت، يبدو أن خيارات «حماس» باتت محدودة أكثر من أي وقت مضى: إما «التخلّي عن السلاح، أو مواجهة عاصفة قد لا تُبقي ولا تذر». فهل تتهيأ المنطقة لانفجار جديد؟ أم أن العقل السياسي سيتدخل قبل فوات الأوان؟
في مشهدٍ سياسيّ غير مألوف، اجتمع قادة الإقليم والعالم في مدينة «شرم الشيخ» المصرية، تحت أضواء الكاميرات وعدسات التاريخ، لتُوقَّع اتفاقية قيل إنها ستُغيّر ملامح الشرق الأوسط... لكن «الكرسي الإسرائيلي» ظلّ خاليًا. غياب «بنيامين نتنياهو»، رئيس وزراء إسرائيل، عن قمةٍ بحجم شرم الشيخ لم يكن مُجرد تفصيل بروتوكولي، بل بدا كأنه سطر ناقص في مشهد السلام، يحمل من الرسائل والدلالات ما يتجاوز حدود الغياب. فهل كان «نتنياهو» مُستبعدًا عمدًا من الحدث؟ أم أنه غاب هروبًا من واقع سياسي مُربك داخليًا وخارجيًا؟ وهل تعكس القمة تحوّلًا إقليميًا جديدًا يرسم معادلة سلام لا مكان فيها لمنطق القوة؟