دراسات وأبحاث

قمة شرم الشيخ تُختتم بلا إسرائيل.. غياب «نتنياهو» بين الرسائل والدلالات

الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 - 08:43 ص
مصطفى عبد الكريم
نتنياهو و ترامب قبل
نتنياهو و ترامب قبل قمة شرم الشيخ

في مشهدٍ سياسيّ غير مألوف، اجتمع قادة الإقليم والعالم في مدينة «شرم الشيخ» المصرية، تحت أضواء الكاميرات وعدسات التاريخ، لتُوقَّع اتفاقية قيل إنها ستُغيّر ملامح الشرق الأوسط... لكن «الكرسي الإسرائيلي» ظلّ خاليًا. غياب «بنيامين نتنياهو»، رئيس وزراء إسرائيل، عن قمةٍ بحجم شرم الشيخ لم يكن مُجرد تفصيل بروتوكولي، بل بدا كأنه سطر ناقص في مشهد السلام، يحمل من الرسائل والدلالات ما يتجاوز حدود الغياب. فهل كان «نتنياهو» مُستبعدًا عمدًا من الحدث؟ أم أنه غاب هروبًا من واقع سياسي مُربك داخليًا وخارجيًا؟ وهل تعكس القمة تحوّلًا إقليميًا جديدًا يرسم معادلة سلام لا مكان فيها لمنطق القوة؟

أسئلة كثيرة تُطرح في أعقاب هذا الغياب الصاخب… وتقريرنا هذا يُحاول تفكيك رمزية المشهد، وخلفيات القرار، وما إذا كان غياب «نتنياهو» لحظة عابرة، أم بداية لعزلة دبلوماسية تتّسع.

خلفيات غياب نتنياهو عن قمة شرم الشيخ

وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، عن الأسباب الرئيسية وراء اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، عن المشاركة في «قمة شرم الشيخ للسلام» والتي عُقدت أمس الإثنين.

وكان مكتب نتنياهو، أعلن في بيان له أمس الإثنين، أنه «لن يحضر قمة السلام في شرم الشيخ»، لقُرب موعد انعقادها من الأعياد الدينية.

فيما أكدت الرئاسة المصرية، أن «نتنياهو» لن يُشارك في قمة السلام بمدينة شرم الشيخ، بسبب «الأعياد الدينية»، مُضيفة أن الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، هو مَن اقترح مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي في القمة، خلال اتصاله الهاتفي مع نظيره المصري «عبدالفتاح السيسي»، بحسب بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية «السفير محمد الشناوي».

الأسباب الحقيقية

وزعمت الصحيفة أن الأسباب التي ساقها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لرفض «نتنياهو» المشاركة في قمة شرم الشيخ بسبب الأعياد الدينية لتجنب إثارة غضب «الحريديم» عارية من الدقة؛ لأن نتنياهو بحسب «يديعوت أحرونوت» سبق وخالف القيود الدينية وانتهك حُرمة العيد أثناء عودته من عملية اغتيال أمين عام حزب الله السابق «حسن نصر الله».

وترى الصحيفة العبرية، أن السبب الرئيسي وراء عدم مشاركته، هو خشية «بيبي نتنياهو» أن يُوضع في قفص الاتهام، وتُرسل إليه رسائل لا يرغب في سماعها، مثل «حل الدولتين أو اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب».

Gaza peace plan: Netanyahu meets Trump at Knesset, accepts Egypt`s invite  for Gaza Peace Summit
نتنياهو و ترامب قبل قمة شرم الشيخ

أما السبب الثاني الذي ساقته الصحيفة العبرية، فهو «خوفه على شعبيته خاصة» بعد أن تأكد هشاشة ائتلافه الحكومي، خاصة أن مشاركة الرئيسين الفلسطيني «محمود عباس»، والتركي «رجب طيب أردوغان»، عقّدا مشاركته لأنه لا يرغب في مصافحتهما.

وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية (كان)، أن «نتنياهو» ألغى الرحلة بسبب مخاوف واضحة من الصراع داخل ائتلافه «الهش» إذا سافر في عيد يهودي، لكن حزب اليهودية المتحدة الأرثوذكسي المتطرف أعرب عن عدم وجود اعتراضات أو تهديدات في هذا الصدد.

السوداني وأردوغان رفضا مشاركة نتنياهو

وعلى أثر احتمالية مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» في قمة السلام في شرم الشيخ أبلغ رئيس الوزراء العراقي، «محمد شياع السوداني»، الجانبين المصري والأمريكي، بأن «العراق» سينسحب من القمة شرم الشيخ في حال شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وكان الرد من مصدر عراقي رفيع لوكالة الأنباء العراقية (واع): إنه «لا تُوجد دعوة رسمية مُوجهة من قِبل الجانب المصري إلى نتنياهو من أجل حضور قمة شرم الشيخ»، مُوضحًا أن «ترامب حاول إحضار رئيس الحكومة الإسرائيلية وأجرى اتصالات دبلوماسية بهدف ضمان حضور نتنياهو قمة شرم الشيخ». ولفت إلى أن «مواقف المشاركين كانت مشابهة لموقف العراق ولهذا فإن محاولة ترامب جلب نتنياهو إلى قمة شرم الشيخ لم تنجح».

فيما أفادت وكالة «الأناضول» التركية، بأنه «بعد تلقيه نبأ تأكيد حضور نتنياهو قمة السلام في شرم الشيخ.. أبلغ أردوغان المعنيين في مصر وأمريكا أنه سيلغي مشاركته بالقمة ويعود إلى تركيا وبالفعل انحرفت طائرته عن مسارها قبيل هبوطها في مصر»، مُضيفة: «لكن بعد عدول نتنياهو عن المشاركة عادت طائرة أردوغان إلى مسارها الطبيعي نحو مدينة شرم الشيخ».

إسرائيل بين السلام والعزلة السياسية

غياب «نتنياهو» عن قمة شرم الشيخ لم يكن مُجرد غياب سياسي عابر، بل هو مؤشر واضح على تحوّلات عميقة في موازين القوى الإقليمية، ورسالة ذات أبعاد مُتعددة عن مستقبل العلاقة بين «إسرائيل وجيرانها»، وكذلك عن الدور الذي ستلعبه في مسار السلام المُقبل. في حين تتقدم دول عربية وإقليمية بخطوات جريئة نحو تسوية تاريخية، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتمكن إسرائيل من اللحاق بركب السلام أم أنها تختار العزلة السياسية التي قد تُفاقم من تعقيد المشهد القمة بلا إسرائيل هي صفحة جديدة في كتاب الشرق الأوسط، تدعو الجميع إلى قراءة ما بين السطور، والتأهب لتغييرات قد تُعيد رسم الخرائط السياسية في المنطقة.