حوض النيل

السودان: قوة أمنية تقتحم قرى جنوب أم درمان واعتقالات وسط احتجاجات شعبية

الإثنين 13 أكتوبر 2025 - 02:34 م
ابرهيم ياسر
الأمصار

 في تطور أمني مثير للقلق، اقتحمت قوة أمنية مزوّدة بأسلحة ثقيلة قرية “إيد الحد” الواقعة ضمن منطقة الجموعية جنوب مدينة أم درمان، ونفذت عمليات تفتيش واسعة داخل المنازل قبل أن تعتقل المواطن عبد الرسول رحمة الله. هذا التحرك العسكري المفاجئ أثار حالة من التوتر داخل القرية، ودفع الأهالي إلى التجمع فور انتهاء المداهمة، حيث خرجوا في مجموعات للبحث عن المعتقل. وبحسب إفادة المتحدث باسم الجموعية، تمكن المواطنون من استعادة عبد الرسول من قبضة القوة الأمنية وإعادته إلى منزله، في مشهد يعكس تصاعد التوترات الأمنية في عشرات القرى الواقعة جنوب العاصمة السودانية.

بيان: قوة أمنية تقتحم قرية وتعتقل مواطنًا دون إذن قانوني والمجتمع المحلي يتدخل:

المتحدث باسم الجموعية، سيف الدين أحمد شريف، أصدر بيانًا رسميًا امس الأحد الموافق 12 أكتوبر 2025، أكد فيه أن القوة الأمنية وصلت إلى قرية “إيد الحد” وهي مدججة بأسلحة ثقيلة، وقامت باقتحام عدد من المنازل دون إذن قانوني، قبل أن تعتقل عبد الرسول رحمة الله وتنقله إلى جهة غير معلومة. البيان وصف سلوك القوة الأمنية بأنه غير قانوني، ويعكس غياب المسؤولية تجاه المجتمعات المحلية، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية الهشة التي تعيشها المنطقة. وأشار شريف إلى أن تدخل المواطنين واستعادتهم للمعتقل جاء نتيجة شعورهم بالخطر المتزايد، ورفضهم لما وصفه بالانتهاك الصارخ لحقوقهم داخل قراهم.

في أعقاب الحادثة، أعلن سكان قرى الجموعية رفضهم القاطع لدخول أي قوة أمنية إلى مناطقهم اعتبارًا من تاريخ البيان، مؤكدين أنهم لن يتهاونوا مع أي جهة تتجاهل هذا التحذير. وجاء في نص البيان: “من لم يضع هذا التحذير نصب عينيه فلا يلومن إلا نفسه، ونحن قادرون على حماية المواطنين وصدّ أي عدوان”. هذا التصعيد الشعبي يعكس حجم الغضب المتراكم لدى الأهالي، الذين باتوا يعتبرون وجود القوات الأمنية تهديدًا مباشرًا لأمنهم، بدلًا من أن يكون ضمانًا للاستقرار. ويأتي هذا الموقف في ظل استمرار حالة الانفلات الأمني التي تعاني منها قرى الجموعية منذ أشهر، نتيجة نشاط مجموعات مسلحة تثير الفوضى وتنفذ انتهاكات متكررة.


تشير إفادات محلية إلى أن قرى الجموعية شهدت انتهاكات مروعة خلال شهري مارس ومايو من العام الجاري، نفذتها قوات الدعم السريع، ما دفع مئات من شباب المنطقة إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وأسرهم. تلك الهجمات خلّفت آثارًا عميقة في الوعي الجمعي للسكان، وأثارت موجة من الانتقادات الحادة تجاه الجيش السوداني، الذي اتُهم حينها بعدم التدخل لحماية المدنيين. ورغم أن وصول الجيش إلى قرى الجموعية في مايو الماضي ساهم في فرض حالة من الاستقرار النسبي، إلا أن هذا الهدوء لم يدم طويلًا، حيث عادت حالة التوتر مع انتشار المجموعات المسلحة مجددًا، ما أعاد المخاوف إلى الواجهة.


خلال اليومين الماضيين، تصاعدت الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي للاحتشاد في مواقع رئيسية داخل قرى الجموعية، احتجاجًا على تدهور الوضع الأمني. هذه الدعوات لاقت تفاعلًا واسعًا بين السكان، في وقت دعا فيه عدد من الزعماء الأهليين إلى التهدئة، مطالبين بفتح قنوات تواصل مباشرة مع الشرطة للحد من انتشار المسلحين. وبينما تتباين المواقف بين التصعيد الشعبي والدعوات للحوار، يبقى المشهد الأمني في الجموعية مفتوحًا على احتمالات متعددة، وسط غياب واضح لأي خطة رسمية لاحتواء الأزمة أو معالجة جذورها المتفاقمة.