تُعد قلادة النيل العظمى أرفع وسام تمنحه الدولة المصرية، وهي الرمز الأسمى للتقدير الوطني، الذي لا يُمنح إلا لمن قدم لمصر أو للإنسانية خدمات جليلة واستثنائية، جعلت اسمه محفورًا في ذاكرة الوطن والعالم. فهي ليست مجرد قطعة فنية فاخرة، بل شهادة شرف معنوية تمثل امتنان الدولة وتقديرها لأصحاب الإسهامات البارزة في المجالات السياسية أو العلمية أو الثقافية أو الإنسانية.
تعود فكرة قلادة النيل العظمى إلى بدايات القرن العشرين، حين كانت مصر مملكة تحت حكم الملك فؤاد الأول، الذي استحدث نظام الأوسمة الملكية لتكريم الشخصيات الكبرى داخل وخارج البلاد. وبعد ثورة يوليو 1952، أعيد تنظيم نظام الأوسمة الرسمية، لتصبح قلادة النيل العظمى هي الوسام الأعلى في جمهورية مصر العربية، يليها في الترتيب وسام النيل.
وقد نصّ القانون المصري على أن رئيس الجمهورية وحده هو من يملك سلطة منح القلادة، وتُمنح عادةً لرؤساء الدول والملوك الذين ساهموا في دعم العلاقات مع مصر، أو لشخصيات مصرية وعالمية قدمت خدمات استثنائية للوطن أو للبشرية.
تتميز قلادة النيل العظمى بتصميمها الفريد الذي يجمع بين الرمزية التاريخية والجمال الفني.
فهي تُصنع من الذهب الخالص، وتتدلى منها سلسلة فخمة تحمل نقوشًا دقيقة مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة.
يُزين وسطها شعار الدولة المصرية (النسر الذهبي) محاطًا بزخارف هندسية ونقوش تمثل إشعاعات النور والنيل رمز الحياة في مصر.
كما تُرصع بعض أجزائها بالأحجار الكريمة، وتُقدم داخل علبة مخملية فاخرة تحمل شعار الجمهورية، لتكون قطعة نادرة تجمع بين الفخامة والدلالة الوطنية.
تُمنح القلادة بقرار من رئيس الجمهورية، وغالبًا ما تُمنح لرؤساء الدول والملوك وكبار الشخصيات العالمية تقديرًا لعلاقاتهم المتميزة مع مصر، أو لشخصيات مصرية تركت بصمة غير عادية في مجالات السياسة أو العلوم أو الآداب أو الثقافة.
وقد جرت العادة أن تُمنح القلادة عند انتهاء فترة عمل رئيس دولة أو أثناء زيارات رسمية تاريخية لمصر، كنوع من التكريم المتبادل بين الدول.
أبرز الحاصلين على قلادة النيل العظمى
حصل على قلادة النيل العظمى عدد كبير من الزعماء والشخصيات البارزة عبر التاريخ الحديث.
الدكتور أحمد زويل، العالم المصري الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، تقديرًا لإسهاماته العلمية الفريدة.
المستشار طارق البشري، المفكر والمؤرخ الكبير، عرفًا بمواقفه الوطنية وإسهاماته القانونية.
محمد حسنين هيكل، الكاتب والصحفي الكبير، الذي أثرى الحياة السياسية والفكرية المصرية والعربية لعقود.
الموسيقار محمد عبدالوهاب، أحد رموز الفن المصري والعربي، الذي حمل موسيقاه إلى آفاق العالمية.
الدكتور مجدي يعقوب، جراح القلب العالمي الذي أفنى حياته في خدمة الإنسانية من خلال إنجازاته الطبية.
أما على الصعيد الدولي، فقد حصل عليها عدد من الزعماء مثل: الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ، وغيرهم من القادة الذين كانت لهم علاقات وطيدة بمصر.
ترمز قلادة النيل العظمى إلى الوفاء والعرفان، فهي تمثل قمة هرم التكريم في الدولة المصرية. وتحمل اسم “النيل” باعتباره رمز العطاء والخير والاستمرارية، في إشارة إلى أن المكرَّم بها هو أحد منابع الخير والعطاء للوطن أو للإنسانية.
كما تعد القلادة تجسيدًا لقيم مصر الحضارية؛ فهي تمنح باسم الدولة كلها، وليس باسم شخص بعينه، مما يجعلها علامة على الإجماع الوطني والتقدير الجمعي.
تحولت قلادة النيل العظمى مع مرور الزمن إلى رمز للشرف الأعلى، يتطلع إليه كل من يسعى لخدمة وطنه بإخلاص وإبداع. كما أنها أصبحت جزءًا من الدبلوماسية المصرية، تُستخدم لتكريم الزعماء أثناء الزيارات الرسمية، ما يعكس تقدير مصر العميق لعلاقاتها الدولية.
وفي الوعي الشعبي، باتت القلادة تعني “ذروة المجد”، فلا تمنح إلا لمن يستحقها فعلًا، ولمن حمل اسم مصر عاليًا بين الأمم.
تظل قلادة النيل العظمى أكثر من مجرد وسام رسمي؛ فهي تعبير عن روح مصر وتاريخها الممتد، وإشارة إلى أن العطاء والإبداع لا يضيعان في وطن يكرم أبناءه ويقدر من يقف بجانبه. إنها مرآة لتقاليد الدولة المصرية العريقة في تكريم العظماء، ورسالة بأن مصر لا تنسى صانعي مجدها ومناراتها في كل المجالات.