حين يأتي الاعتراف من قمة الهرم، تتغيّر ملامح المشهد... الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، يكشف أن واشنطن سمحت مُؤقتًا لحركة «حماس» بإعادة تنظيم صفوفها وتسليح نفسها، تحت «رقابة مباشرة» لاستعادة ما سمّاه بـ«النظام» في غزة. تصريح أثار عاصفة من التساؤلات: من يضبط إيقاع المعركة؟ ومن يكتب سيناريوهات التهدئة والتصعيد؟
وفي التفاصيل، أعلن دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة تُدرك أن حركة حماس «تُعيد تسليح نفسها» لاستعادة النظام في غزة، مُوضحًا أن واشنطن «منحتهم الموافقة لفترة من الوقت».
جاء ذلك ردًا على سؤال مراسل حول تقارير عن إعادة تسليح «حماس» وتأسيس نفسها كقوة شرطة فلسطينية وملاحقة «الخصوم».
وقال ترامب: «نحن متفهمون، لأنهم يُريدون فعلًا وقف المشاكل. وكانوا صريحين بشأن ذلك، وقد منحناهم الموافقة لفترة من الوقت».
وأشار الرئيس الأمريكي إلى حجم الخسائر البشرية في غزة قائلًا: «لقد فقدوا 60 ألف شخص. هذا قدر كبير من الثأر. والذين يعيشون الآن كانوا، في كثير من الحالات، صغارًا جدًا عندما بدأ كل هذا»، مُضيفًا: أن الولايات المتحدة تُوكّل إلى حماس «مراقبة ألا تكون هناك جرائم كبرى أو بعض المشاكل التي تحدث عندما تكون لديك مناطق مثل هذه التي دمرت حرفيا».
واختتم دونالد ترامب بتفاؤل حذر: «أعتقد أن الأمور ستسير على ما يُرام. من يعلم على وجه اليقين، لكني أعتقد أن الأمور ستسير على ما يُرام»، في إشارة إلى عملية إعادة الإعمار والاستقرار في غزة.
وفي السياق، أكدت «وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة»، أن الأجهزة الأمنية تُحاصر وتشتبك مع مليشيا داخل مدينة غزة قتلت نازحين أثناء عودتهم من جنوب القطاع.
وبين ما قيل، وما لم يُقل... يبقى تصريح «ترامب» علامة فارقة تكشف ما وراء المشهد، وتُلمّح إلى أدوار تُدار في الخفاء، تُعيد تشكيل قواعد اللعبة في غزة والمنطقة برمتها.
بينما تتهيأ الأضواء لاستقبال الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» في إسرائيل، تتصاعد التوترات السياسية في «الكنيست الإسرائيلي». ففي وقتٍ يُنتظر فيه وصول «ترامب» لإلقاء خطابٍ أمام البرلمان الإسرائيلي، أعلنت نائبة رئيس الكنيست وعدد من الأعضاء عن مقاطعتهم لكلمته، ما يُسلّط الضوء على الانقسامات الداخلية والرفض المُتزايد لسياساته.
وفي هذا الصدد، انضمت «ليئور سون هار-ميلخ»، نائبة رئيس الكنيست الإسرائيلي، إلى قائمة النواب الذين سيُقاطعون خطاب الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» المُرتقب، اليوم الإثنين، في الكنيست.
وفي حسابها على منصة «إكس»، كتبت ليئور سون هار-ميلخ، نائبة رئيس الكنيست (عضو حزب "عوتسما يهوديت" - القوة اليهودية): «قدّم ترامب الاتفاق الحالي على أنه اتفاق سلام - وهذا ليس اتفاق سلام بل هو اتفاق مُخزٍ. أكثر ما يغيب عنه هو السلام والأمن».
وتابعت هار-ميلخ: «لقد تعرّض أمن دولة إسرائيل لضربة قاسية بتوقيعه. ونرى بالفعل أن حماس تعيد تنظيم صفوفها داخل غزة، وتستعد للسيطرة على القطاع مجدداً بمجرد انسحاب قواتنا»، مُضيفة: «أنا لا أرغب في الانضمام إلى التصفيق. لا للرئيس الأمريكي الذي يبيع شعب إسرائيل وهم السلام والأمن، ولا لليمين الذي يمجد هذا الاتفاق وكأنه إنجاز».
وبذلك تنضم «هار-ميلخ» إلى عضو الكنيست عميت هاليفي (من الليكود)، الذي أكد أنه لن يُشارك (الإثنين) في الجلسة الخاصة للكنيست التي من المقرر أن يُلقي خلالها رئيس الولايات المتحدة خطابه، حيث رأى أن «هذا الاتفاق هو عكس الانتصار في الحرب». وأضاف هاليفي: «حتى من يعتقد أننا أُجبِرنا على توقيعه، لا ينبغي أن يحتفل به».
كما أعلن رئيس حزب «نوعم» آفي ماعوز، أنه سيُقاطع هو الآخر «خطاب ترامب في الكنيست». وكتب في حسابه على منصة «إكس»: «لن أشارك غدا كـ 'كومبارس' في العرض 'الاحتفالي' في قاعة الكنيست».
ومن المتوقع أن يُلقي «ترامب» خطابه في قاعة الكنيست عند الساعة 11:00، ومن هناك من المُرجح أن يتوجه مباشرة إلى «مطار بن غوريون»، ليُغادر مباشرة إلى مصر، حيث سيرأس قمة تاريخية (قمة شرم الشيخ للسلام) إلى جانب الرئيس «عبد الفتاح السيسي». ويُشارك فيها قادة أكثر من عشرين دولة ومنظمة، لمناقشة اليوم التالي في «قطاع غزة» واتفاق السلام. ولم تُدعَ إسرائيل إلى هذا الحدث، الذي سيشهد توقيعًا رمزيًا على اتفاق إنهاء الحرب.
في خضم السُلطة والنفوذ، وبين قرارات مصيرية ترسم ملامح العالم، نادرًا ما يُبدي الزعماء لحظة ضعف علني. لكن «دونالد ترامب»، الرئيس الأمريكي، فاجأ الجميع باعترافه الصادم: «لست واثقًا من دخولي الجنة»… جملة تهز العمق الروحي لإنسان يقف على قمة القوة السياسية.