شهدت الأسواق المالية السعودية تراجعاً ملحوظاً اليوم الأحد، بعد تصاعد حدة التوتر التجاري بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية الصين الشعبية، إثر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السلع الصينية اعتباراً من الأول من نوفمبر المقبل، وهو ما أدى إلى موجة هبوط في الأسواق العالمية وانعكس بقوة على البورصة السعودية.
فقد انخفض المؤشر العام للسوق المالية "تاسي" بنسبة 1.5% في التعاملات المبكرة، مسجلاً نحو 11,410 نقاط، بعدما تجاوزت خسائره في بداية الجلسة 2%، وسط تراجع جماعي لمعظم الأسهم المدرجة. وأرجع محمد زيدان، كبير المحللين الماليين في قناة الشرق للأخبار، هذا الهبوط إلى اتجاه بعض المستثمرين الأفراد نحو البيع لتوفير سيولة عقب خسائر الأسواق العالمية الحادة، مؤكداً أن السوق لا يزال في نطاق التعافي طالما لم يغلق دون حاجز 11 ألف نقطة، مشيراً إلى أن العوامل الأساسية ونتائج الشركات القوية يمكن أن تعيد التوازن قريباً.
جاءت خسائر السوق بعد تصريحات ترمب الذي قال إنه لا يرى "سبباً" للقاء نظيره الصيني شي جين بينغ، ملوحاً بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية. وردت بكين بلهجة حازمة، مؤكدة أنها "ستتخذ إجراءات دفاعية لحماية مصالحها المشروعة" إذا مضت واشنطن في هذا المسار.
وقد انعكست هذه التطورات سريعاً على الأسواق الأميركية، حيث تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.7%، في حين انخفض ناسداك 100 بنسبة 3.5%، لتسجل أسوأ جلساتها منذ أبريل الماضي، بينما هبطت أسعار خام برنت بنسبة 3.8% ليتداول دون 63 دولاراً للبرميل، مما ضغط على أسهم الطاقة في الخليج العربي.
توقع إكرامي عبد الله، كبير المحللين الماليين في صحيفة الاقتصادية السعودية، استمرار التذبذب في أداء السوق خلال الأسبوعين المقبلين حتى تتضح الصورة بشأن القرار الأميركي المرتقب. وأشار إلى أن التأثير الأكبر قد يطال سهم أرامكو السعودية نتيجة انخفاض أسعار النفط، مضيفاً أن الرسوم الجمركية المرتفعة "قد تعرقل خفض أسعار الفائدة" وتؤثر على معدلات النمو الاقتصادي عالمياً.
من جانبه، أكد المحلل المالي محمد الميموني أن ما تشهده الأسواق العالمية من اضطرابات يمثل فرصة استثمارية للسوق السعودية لجذب المزيد من السيولة، موضحاً أن "الأحداث الجيوسياسية والتجارية تعد مخاطر مؤقتة، تتأقلم معها الأسواق سريعاً"، مضيفاً أن الاستقرار الاقتصادي القوي في المملكة يجعلها وجهة آمنة للمستثمرين الراغبين في بناء مراكز جديدة.
في المقابل، أكدت وزارة التجارة الصينية أن إجراءاتها الأخيرة ضد الولايات المتحدة "دفاعية وضرورية"، مشيرة إلى أنها فرضت قيوداً على صادرات المعادن الأرضية النادرة لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وأوضحت أن هذه الضوابط لا تمثل حظراً كاملاً، وأن الصين أجرت تقييماً شاملاً لتأثيرها على سلاسل الإمداد العالمية وتوقعت أن يكون التأثير محدوداً.
وتبقى نتائج الشركات السعودية للربع الثالث من عام 2025 العامل الحاسم في تحديد اتجاه السوق خلال الفترة المقبلة، إذ يتوقع المحللون أن تساهم الأرباح الإيجابية في تعويض الخسائر الأخيرة وإعادة الثقة إلى المستثمرين المحليين والأجانب.