في خطوة وُصفت بأنها تحول استراتيجي في ملف الطاقة، أطلقت إثيوبيا أول مشروع لتكرير النفط في تاريخها، من خلال مصفاة جودي الواقعة في إقليم الصومال شرقي البلاد، بطاقة إنتاجية تصل إلى 3.5 مليون طن سنويًا.
ويهدف هذا المشروع إلى تقليل الاعتماد شبه الكامل على النفط المستورد، والذي يكلف أديس أبابا أكثر من 4 مليارات دولار سنويًا.
ورغم أن احتياطيات إثيوبيا النفطية المؤكدة لا تتجاوز 428 ألف برميل فقط، وفق بيانات "جلوبال فايرباور"، فإن الحكومة الإثيوبية تسعى من خلال هذا المشروع إلى وضع الأساس لبناء صناعة نفطية محلية مستدامة. وتشير التقديرات إلى أن ثروة البلاد من الوقود الأحفوري تتركز في الغاز الطبيعي، وبالتحديد في حوض "أوجادين"، الذي يحتوي على ما يقارب 2.6 تريليون قدم مكعب من الغاز المؤكد.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في منشور عبر منصة "إكس"، إن هذه المشاريع تمثل "أكثر من مجرد تقدم صناعي"، مشيرًا إلى أنها تجسد "مسؤولية وطنية في استغلال الفرص وتعزيز التعاون والسلام". وتأتي مصفاة جودي ضمن حزمة استثمارات تقدر بنحو 10 مليارات دولار، بالتعاون مع مجموعة جي سي إل الصينية، وتشمل تطوير حقل "هلالا" النفطي، الذي سيغذي المصفاة بالخام المحلي.
ويُذكر أن إثيوبيا وقّعت عام 2015 اتفاقًا لإنشاء خط أنابيب للوقود مع دولة جيبوتي تحت مسمى "خط أنابيب القرن الإفريقي"، غير أن المشروع لم يدخل حيز التنفيذ حتى اليوم، مما يجعل نقل الوقود يعتمد كليًا على الشاحنات لمسافة 800 كيلومتر من ميناء جيبوتي إلى العاصمة أديس أبابا.
وتستورد إثيوبيا معظم احتياجاتها النفطية من دول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية والكويت والإمارات، حيث تمثل نحو 80% من إجمالي الواردات النفطية، بحسب بيانات وزارة الصناعة الإثيوبية. كما تستورد كميات من فحم الكوك البترولي من الولايات المتحدة وسلطنة عمان والبحرين لتلبية احتياجات الصناعة.
غير أن هذا الطموح النفطي يواجه تحديات كبيرة، أبرزها نقص التمويل، وارتفاع الديون الخارجية التي بلغت نحو 29 مليار دولار، إلى جانب عدم الاستقرار الأمني في إقليم الصومال الذي يحتضن معظم المشروعات النفطية. وتشير تقارير "بلومبرغ" إلى أن أديس أبابا اقترضت نحو 7.4 مليار دولار من الصين لتمويل مشروعات بنية تحتية وطاقة، ما يزيد الضغط على الاقتصاد الوطني.
ورغم العقبات، ترى الحكومة الإثيوبية أن الاستثمار في التكرير المحلي هو السبيل الأمثل لتقليل الاستيراد، وتوفير العملة الصعبة، وخلق آلاف الوظائف في قطاعي الطاقة والصناعة. ويؤكد محللون أن نجاح مصفاة جودي سيكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة إثيوبيا على دخول نادي الدول المنتجة للطاقة في القرن الإفريقي، في ظل منافسة محتدمة من جيرانها كالسودان وكينيا وجنوب السودان.