دراسات وأبحاث

الأثر البيئي للغزو الروسي على أوكرانيا.. تفاصيل

الأربعاء 08 أكتوبر 2025 - 07:06 م
نرمين عزت
الأمصار

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا منذ عام 2022 إلى عواقب بيئية خطيرة طويلة الأمد تهدد البيئة وصحة الإنسان، حيث لم تسفر حرب أوكرانيا عن خسارة عشرات الآلاف من الأرواح وإجبار الملايين على الفرار من منازلهم فحسب، ولكنها أيضا تسببت في دمار واسع النطاق للمناخ.

أضرار الغزو الروسي على أوكرانيا

وقد تسبب الانفجارات أضرارًا سامة إلى جانب التدمير المادي. بعد كل انفجار، حيث انطلقت جزيئات المواد السامة مثل الرصاص، والزئبق، واليورانيوم المنضب، وغير ذلك الكثير في الهواء والماء والتربة. المتفجرات مثل تي إن تي، ودي إن تي، وآر دي إكس، تسبب قصورًا في الأعضاء والأنظمة في حال دخولها الأجسام البشرية.

وبسبب المعارك الدامية بين روسيا وأوكرانيا فقد تأثرت المناطق الصناعية بسبب المخلفات وانسكاب الوقود، التي تسمم مناطق شاسعة ليس فقط في أوكرانيا، ولكن أيضًا في أوروبا وروسيا. تطلق المباني المدمرة الغبار السرطاني لعقود.

كما تتغلغل المعادن الثقيلة والمواد الكيميائية في المياه الجوفية وتسمم مصادر المياه، فتقتل جميع أشكال الحياة في الأنهار والمسطحات المائية. لقد أدى تدمير البنية التحتية المدنية بالفعل إلى حرمان أكثر من 4 ملايين شخص من مياه الشرب النقية. أما التربة في مناطق الصراع العسكري تصبح غير صالحة للزراعة، لأن النباتات تسحب الملوثات وتراكمها.

تشكل الحرب أيضًا تهديدات بالحوادث النووية. قد يؤدي نقص الطاقة في المحطات النووية والمعارك القريبة من المحطات إلى حدوث كوارث مثل تشيرنوبل أو فوكوشيما. تصل الانبعاثات العسكرية لثاني أكسيد الكربون إلى مئات الملايين من الأطنان، مقوضةً أهداف اتفاق باريس.

أضرار الحرب على الطبيعة

ومن المرعب أيضًا أن الضرر البيئي الناجم عن الحرب قد يستمر لعدة قرون. وفقًا للدراسات، وذلك يرجع إلى النتائج الصادرة عن أحداث سابقة.

حيث ما زالت التربة القريبة من يبر في بلجيكا تحتوي على أكثر من 2000 طن متري من النحاس بعد الحرب العالمية الأولى. 

في إيران، ما تزال التربة ملوثة بالزئبق والكلور بعد معارك خلال الثورة الإيرانية. 

في عام 2018 في كابول، توفي أكثر من 3000 شخص بسبب أمراض تُعزى إلى تلوث الهواء الذي حدث منذ عام 1978. 

تركت الحرب الشيشانية الأولى والثانية أكثر من 30% من التربة في الشيشان غير صالحة للزراعة.

ويرجع ذلك بالإعتماد على درجة الحموضة في التربة والوصول إلى الأكسجين والماء، حيث يستغرق تحلل الذخيرة من 100 إلى 300 عام. 

كما تشكل المدن المدمرة تهديدًا بيئيًا كبيرًا لأن القنابل غير المنفجرة تُدفن تحت الأنقاض، والمنازل المدمرة تطلق الغبار السرطاني (أحيانًا لعقود)، وملايين الأطنان من الأنقاض المتولدة يكاد يكون من المستحيل إعادة تدويرها. تثقل إعادة التوطين الجماعية القسرية للأشخاص كاهل البنية التحتية للمناطق المضيفة. تتراكم النفايات في مخيمات اللاجئين حيث لا تتواجد مرافق لإعادة التدوير تقريبًا.

في عام 2014، كلف زرع لغم في أوكرانيا ما يقرب من 2.5 يورو، بينما كلف التخلص منه أكثر من 900 يورو. هناك حاجة إلى الكثير من الأبحاث لتقدير الضرر البيئي الناجم عن الغزو الروسي كليًا، على الرغم من أنه من المستحيل القيام بذلك حتى وقف إطلاق النار الكامل. 

واعتبارًا من يونيو 2022، قدرت وزارة البيئة الأوكرانية التكلفة بنحو 6.6 مليار يورو. يُحسب ما يسمى «البصمة الكربونية» لهذه الحرب بملايين الأطنان، ويقوض الجهود المبذولة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

التلوث المباشر

فقد وجدت دراسة أجرتها مبادرة محاسبة الغازات الدفيئة في الحرب التي صدرت الأربعاء، أنه منذ الحرب الروسية الشاملة ضد أوكرانيا في فبراير 2022، أطلقت الحرب كمية من الغازات الدفيئة الضارة بالمناخ تساوي ما أطلقته النمسا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا مجتمعة في عام واحد.

وجاء في الدراسة أن إجمالي الانبعاثات الناجمة عن الحرب الآن تصل إلى 237 مليون طن متري من مكافئات ثاني أكسيد الكربون، المستخدمة كمقياس معياري لحساب لتأثيرات المختلفة للغازات الدفيئة.

وانبعث ثلث غازات الدفيئة المدمرة للمناخ من القتال نفسه، على سبيل المثال من الدبابات والطائرات التي تحرق كميات هائلة من الديزل والكيروسين.

كما أن حرائق الغابات والأحراش التي أشعلتها الحرب لها دور.

ووجد التقرير أن المساحة المحترقة في 2024 كانت أكبر 20 مرة من متوسط الأعوام 2006 إلى 2021 .

كما سجل علماء المناخ صيفا جافا على نحو استثنائي في 2024 وهو ما يرجعونه في جزء منه إلى ارتفاع الاحتباس الحراري العالمي الذي أجج الحرائق.

وكانت عمليات إخماد الحرائق شبه مستحيلة جراء الحرب مما يعني أن الحرائق غالبا ما كانت تنتشر بشكل خارج عن السيطرة.

وقال الباحثون إن عام 2024 يظهر كيف أن التغير المناخي والصراع المسلح يعززان بعضهما البعض ويسرعان من الاحترار العالمي.

وقدرت مبادرة محاسبة الغازات الدفيئة أن قصف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، بما في ذلك مستودعات النفط ومصافيه، أدى لإطلاق حوالي 17 مليون طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون.

وأطلقت الطائرات التي اتخذت مسارات أطول، حيث عدلت الطائرات مساراتها لتحلق حول أوكرانيا وسيبيريا لا فوقهما حوالي 20 مليون طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون بالإضافة لما كانت تطلقه قبل الحرب.