توقعت منظمة التجارة العالمية أن يشهد العام المقبل تباطؤًا حادًا في نمو تجارة السلع العالمية، نتيجة التأثير المتأخر للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، رغم الأداء القوي غير المتوقع في النصف الأول من عام 2025.
وفي تقرير صدر من مقر المنظمة في جنيف، أوضحت المنظمة أن تجارة السلع العالمية سترتفع بنسبة 2.4% خلال عام 2025، وهي زيادة تفوق التوقعات السابقة التي بلغت 0.9%. لكنها في المقابل خفّضت توقعاتها لعام 2026 إلى 0.5% فقط، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 1.8%.
وأشارت المنظمة إلى أن التأثير الكامل للرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على عدد من الدول والقطاعات سيظهر العام المقبل، ما سيضغط على وتيرة النمو التجاري، خصوصًا مع تراجع الطلب المسبق على السلع وانخفاض وتيرة الإنتاج الصناعي في الاقتصادات المتقدمة.
وذكر التقرير أن ارتفاع الرسوم الجمركية، إلى جانب حالة عدم اليقين في السياسات التجارية العالمية، سيسهم في استنزاف المخزونات المتراكمة وتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في عدد من الاقتصادات الكبرى. كما أشار إلى بوادر ضعف في مؤشرات التجارة والإنتاج الصناعي، منها انخفاض ثقة الشركات والمستهلكين وتباطؤ نمو التوظيف والدخل.
ورغم تلك التحديات، أكدت نغوزي أوكونجو-إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، أن النظام التجاري العالمي أظهر "مرونة لافتة" في مواجهة السياسات الأحادية والرسوم المتبادلة، مشيرة إلى أن نحو 75% من التجارة العالمية ما تزال تُجرى وفق قواعد المنظمة.
وأضافت المسؤولة الأممية أن استمرار هذا الالتزام من جانب الاقتصادات الكبرى يوفّر قدرًا من الاستقرار للنظام التجاري الدولي، رغم تصاعد النزعات الحمائية في بعض الدول.
وأوضحت المنظمة أن المنتجات المرتبطة بـ الذكاء الاصطناعي شكّلت المحرك الأساسي لنشاط التجارة خلال النصف الأول من العام، إذ قفزت الشحنات المتعلقة بالمكونات التقنية — مثل أشباه الموصلات والمعالجات وأجهزة الحاسوب وخوادم السحابة — بنسبة تتجاوز 20% مقارنة بالعام السابق.
وفي المقابل، بلغ نمو التجارة في السلع غير المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أقل من 4%، ما يعكس التحوّل المتسارع نحو التقنيات الذكية كمحرّك أساسي للنمو العالمي. وبيّن التقرير أن هذه المنتجات تمثل أقل من عُشر تجارة السلع عالميًا، لكنها ساهمت بنحو نصف النمو الإجمالي المسجّل في النصف الأول من العام.
وتتوقع المنظمة أن يتباطأ النشاط التجاري خلال عام 2026 مع تراجع الزخم الاقتصادي العالمي، وتحوّل تأثير الرسوم الجمركية المرتفعة إلى عامل ضغط مستمر على تدفقات السلع، ما قد يعيد تشكيل المشهد التجاري الدولي في السنوات المقبلة.