تحيي الجزائر، يوم الأربعاء، الذكرى الـ63 لانضمامها إلى منظمة الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، في محطة تاريخية تجسد مسيرة دبلوماسية حافلة بالمواقف الثابتة والإنجازات الدولية.
فمنذ رفع علمها لأول مرة في مقر الأمم المتحدة يوم 8 أكتوبر 1962، على يد الرئيس الراحل أحمد بن بلة، كرست الجزائر حضورًا فاعلًا في الساحة الدولية، وأثبتت عبر العقود التزامها الثابت بمبادئ العدالة، والتضامن، ونصرة الشعوب المقهورة.
وخلال أكثر من ستة عقود من العمل الدبلوماسي، حافظت الجزائر على سياسة خارجية مستقلة ومبدئية، جعلت من الدفاع عن القضايا العادلة ركيزة أساسية في تحركاتها الدولية. فقد وقفت إلى جانب حركات التحرر في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، دعمًا لحق الشعوب في تقرير مصيرها، التزامًا بمبادئ بيان أول نوفمبر الذي أرست عليه الجزائر أسس سيادتها بعد حرب التحرير المجيدة.
ويؤكد المراقبون أن القيادة الجزائرية، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، أعادت للدبلوماسية الجزائرية زخمها الدولي، وجعلت منها أحد محاور السياسة الخارجية النشطة في العالم العربي والإفريقي. إذ شدد الرئيس تبون في أكثر من مناسبة على أن “الدبلوماسية ركيزة أساسية في بناء الدولة الجديدة”، ووجّه بتفعيل حضور الجزائر في المحافل الإقليمية والدولية.
وقد توّجت هذه الجهود بانتخاب الجزائر عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي لعامي 2024-2025، في خطوة اعتُبرت اعترافًا عالميًا بمكانتها وفاعليتها. كما ترأست الجزائر مجلس الأمن في يناير الماضي، حيث دافعت بقوة عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية، مؤكدة تمسكها بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بحق الشعوب في تقرير المصير.
وأشاد أحمد عطاف، وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأداء الجزائر في مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن ولايتها كانت وفية للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ومثلت نموذجًا في التنسيق داخل مجموعة A3+ (الجزائر، الصومال، سيراليون، غيانا).
كما تلعب الجزائر دورًا محوريًا في الدفاع عن الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، مطالبةً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في إنهاء العدوان الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة، حيث أكد الرئيس تبون أن “قيام الدولة الفلسطينية ليس خيارًا، بل حتمية لاستقرار الشرق الأوسط بأسره”.
وفي السياق الإفريقي، تواصل الجزائر الدفع نحو حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية، رافضة أي تدخلات خارجية في منطقة الساحل والصحراء، كما تدعو إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي لضمان تمثيل عادل ومنصف للقارة الإفريقية.
وهكذا، وبعد 63 عامًا من انضمامها إلى الأمم المتحدة، تواصل الدبلوماسية الجزائرية مسيرتها بثبات، محافظة على إرثها النضالي ومكانتها كصوت عربي وإفريقي حرّ، يسعى لترسيخ مبادئ السلم والعدالة الدولية في عالم مضطرب.