أعلنت السلطات السودانية حالة الاستنفار القصوى عقب الارتفاع الكبير في منسوب نهر النيل الأزرق، نتيجة تدفقات المياه الخارجة من سد النهضة الإثيوبي باتجاه سد الروصيرص داخل الأراضي السودانية، ما أثار مخاوف واسعة من وقوع فيضانات مدمرة تهدد السكان والمناطق الزراعية على طول مجرى النهر.
وكشف الفيضان الأخير زيف الادعاءات الإثيوبية المتكررة بشأن "فوائد" سد النهضة للسودان، حيث كانت أديس أبابا قد أكدت مراراً أن السد سيحمي السودان من الفيضانات الموسمية. لكن الواقع، بحسب الخبراء، أثبت العكس تماماً.
وقال الخبير الدولي في المياه والزراعة ،إن الفيضان الصناعي الذي حدث هذا العام أخطر من الفيضان الطبيعي، موضحاً أن إثيوبيا ارتكبت خطأً فنياً فادحاً بملء بحيرة السد بكامل سعتها — نحو 75 مليار متر مكعب — قبل تركيب وتشغيل جميع التوربينات البالغ عددها 13، والتي يعمل منها حالياً خمس فقط بشكل غير منتظم.
وأضاف نور الدين أن هذا الوضع أجبر السلطات الإثيوبية على فتح ممرات التصريف بشكل مفاجئ، مما تسبب في اندفاع كميات ضخمة من المياه نحو السودان خلال وقت قصير، ورفع منسوب النيل الأزرق في الخرطوم إلى مستويات خطيرة تجاوزت 14.5 متراً، وهو ما أدى إلى غمر مساحات واسعة من الأراضي والمناطق السكنية.
وأكد الخبير أن سد الروصيرص السوداني، وهو أول سد في مسار النيل الأزرق بعد سد النهضة، يُعد الأكثر عرضة للخطر بسبب الضغط المائي الهائل الناتج عن هذه التصريفات المفاجئة، مشيراً إلى أن سعته التخزينية الصغيرة — بين 3 و7 مليارات متر مكعب فقط — لا تتحمل مثل هذه الكميات الكبيرة.
وفي السياق نفسه، أوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة المصرية، أن إثيوبيا تعمّدت ملء بحيرة السد حتى أقصى طاقتها لعرض مشاهد "احتفالية" لتدفق المياه من فوق جسم السد، غير أن هذه الخطوة تسببت في ارتباك شديد في تشغيل سدود السودان، وعلى رأسها سد الروصيرص.
وأضاف شراقي أن التوقيت المتأخر لتصريف هذه الكميات في نهاية سبتمبر جعلها ضارة بالزراعة السودانية، إذ اعتاد المزارعون على الاستفادة من فيضان أغسطس لري المحاصيل، بينما أدى الفيضان المتأخر إلى غرق مساحات مزروعة دون أي فائدة.
وأكد أن الوضع الحالي يصب في مصلحة مصر جزئياً، حيث تسهم التصريفات الكبيرة في تعزيز مخزون بحيرة السد العالي بأسوان وتعويض النقص في كميات المياه خلال موسم الفيضان المعتاد.