حوض النيل

تفجير انتحاري واشتباكات عنيفة في هجوم «الشباب» بمقديشيو

الأحد 05 أكتوبر 2025 - 05:57 م
مصطفى سيد
الأمصار

كشفت السلطات الصومالية اليوم الأحد تفاصيل الهجوم الإرهابي الذي شنّته حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة على مركز احتجاز أمني في العاصمة مقديشيو، في أحد أكثر الهجمات دموية وتعقيداً منذ بداية العام.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية الصومالية، فإن الهجوم استهدف مركز احتجاز يُعرف باسم «غودكا جيلاكاو»، تستخدمه أجهزة الاستخبارات الصومالية لاستجواب واحتجاز المشتبه بانتمائهم إلى الحركة الإرهابية قبل محاكمتهم، ويقع بالقرب من مقر الرئاسة الصومالية في قلب العاصمة.

وأوضح البيان أن الهجوم بدأ بعد ظهر السبت بتفجير انتحاري ضخم هزّ المنطقة، أعقبه اشتباك مسلح استمر لساعات بين قوات الأمن ومجموعة من المسلحين التابعين للحركة. وأضافت الوزارة أن قوات الأمن تمكنت من القضاء على المسلحين السبعة المشاركين في العملية، مؤكدة السيطرة الكاملة على الموقع في ساعة متأخرة من الليل.

وأشار شهود عيان إلى أن أصوات الانفجارات وإطلاق النار المتبادل استمرت لأكثر من ثلاث ساعات، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة من موقع الهجوم وسط حالة من الهلع بين السكان. وقال أحد سكان الحي لوسائل الإعلام المحلية: "كان الانفجار الأول عنيفاً للغاية، ثم بدأ إطلاق النار بشكل عشوائي وكثيف، ولم نتمكن من مغادرة منازلنا لساعات طويلة."

ولم تُفصح وزارة الداخلية حتى الآن عن عدد الضحايا أو الخسائر في صفوف قوات الأمن، بينما نقلت وسائل إعلام محلية أن عدداً من عناصر الشرطة والاستخبارات أصيبوا في الهجوم.

ويأتي هذا الهجوم في وقت يشهد فيه الوضع الأمني في الصومال تدهوراً متسارعاً، رغم الحملات العسكرية التي شنتها الحكومة ضد حركة الشباب خلال العامين الماضيين بدعم من قوات الاتحاد الإفريقي. ورغم تحقيق بعض النجاحات الميدانية في 2022 و2023، استعادت الحركة السيطرة على عشرات المدن والقرى منذ بداية العام الجاري، ما يعكس قدرتها على إعادة تنظيم صفوفها وشنّ هجمات نوعية في العاصمة ومناطق الجنوب.

وتؤكد تقارير أمنية أن حركة الشباب باتت تستغل الانقسامات السياسية داخل الحكومة الصومالية لتوسيع نفوذها، خاصة في ظل الخلافات المتصاعدة بين الحكومة المركزية في مقديشيو وبعض الولايات الفيدرالية، الأمر الذي وصفه محللون بأنه "السلاح السري للحركة في مواجهة الدولة".

من جهته، شدد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في تصريحات سابقة على أن الحكومة ماضية في خطة القضاء على الإرهاب وإعادة الاستقرار إلى البلاد، مؤكداً أن العمليات العسكرية لن تتوقف حتى استعادة السيطرة الكاملة على الأراضي التي تسيطر عليها الحركة.

ورغم التحديات الأمنية، يواصل الرئيس الصومالي الضغط لإجراء أول انتخابات بالاقتراع العام المباشر في البلاد العام المقبل، في خطوة تعتبرها الحكومة "محورية في مسار التحول الديمقراطي"، بينما يرى مراقبون أن استمرار التهديدات الإرهابية قد يُعرقل تنفيذ هذا الاستحقاق التاريخي.

ويرى خبراء أن الهجوم الأخير في مقديشيو يمثل رسالة واضحة من حركة الشباب بأنها ما تزال قادرة على ضرب العمق الأمني للعاصمة رغم الخسائر التي تكبدتها، كما يعكس ضعف التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الأجهزة الصومالية.

وتُعد حركة الشباب أحد أخطر التنظيمات الإرهابية في منطقة القرن الإفريقي، حيث تشن منذ أكثر من عقدين هجمات دامية ضد المدنيين والمنشآت الحكومية، كما نفذت عمليات خارج الحدود في كينيا وإثيوبيا، ما جعلها تهديداً إقليمياً متصاعداً للأمن والاستقرار في شرق إفريقيا.

وبينما تتواصل الجهود المحلية والدولية لدعم الجيش الصومالي في معركته ضد الإرهاب، تبقى هجمات مقديشيو الأخيرة تذكيراً مؤلماً بعمق الأزمة الأمنية التي تعصف بالصومال، وبحاجة البلاد الماسة إلى إصلاحات أمنية وسياسية شاملة تعيد للدولة هيبتها وتحقق تطلعات شعبها نحو الاستقرار والسلام.