المغرب العربي

المغرب يحدّث ترسانته القانونية لمكافحة الاتجار بالبشر تماشياً مع الالتزامات الدولية

السبت 04 أكتوبر 2025 - 08:55 م
هايدي سيد
الأمصار

دشنت المملكة المغربية مرحلة جديدة في تطوير منظومتها القانونية لمكافحة الجرائم المنظمة والاتجار بالبشر، عقب صدور قانون المسطرة الجنائية الجديد في الجريدة الرسمية بتاريخ 8 شتنبر 2025، في خطوة تهدف إلى ملاءمة التشريع الوطني مع المعايير والالتزامات الدولية ذات الصلة.

ووفق بلاغ صادر عن اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، فإن القانون الجديد يمثل نقلة نوعية في المنظومة القانونية المغربية، إذ يجسد تطابقاً تاماً مع الصكوك الدولية، وعلى رأسها البروتوكول الإضافي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعروف بـ"بروتوكول باليرمو 2000"، والمتعلق بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، خصوصاً النساء والأطفال.

ويؤكد البلاغ أن القانون الجديد يتوافق كذلك مع اتفاقية مجلس أوروبا لمكافحة الاتجار بالبشر (2005)، لا سيما في ما يتعلق بتحديد هوية الضحايا، وفترات التفكير والتعافي، والتعويض القانوني، مع الالتزام بمبدأ عدم تجريم الضحايا الذي أقرّته المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة. ويهدف هذا التوجه إلى ترسيخ مكانة المغرب ضمن المنظومة الدولية لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للحدود.

كما أعاد القانون الجديد، من خلال المادة 108، تعريف مفهوم الجرائم الخطيرة ومجال الخطورة الإجرامية، ما يوفر أساساً قانونياً لتصنيف جرائم الاتجار بالبشر ضمن الجرائم ذات الأولوية القصوى، ويتيح اعتماد قواعد إجرائية مشددة تمنح صلاحيات موسعة للشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاة التحقيق.

وأشار البلاغ إلى أن هذا التصنيف الجديد يعزز اختصاص المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ) في التحقيق في الجرائم المعقدة والعابرة للحدود، مما يضمن استجابة أكثر فاعلية في تفكيك الشبكات الإجرامية الدولية.

ويرسخ القانون الجديد تكاملاً إستراتيجياً مع القانون رقم 27-14 الصادر سنة 2016، المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، من خلال تعزيز حماية الضحايا والشهود والمبلغين، وتطوير أدوات التحقيق المالي لتفكيك البنية الاقتصادية للجريمة المنظمة، إلى جانب تعزيز التعاون القضائي الدولي وملاحقة المتورطين عبر الحدود.

وختم البلاغ بالتأكيد على أن هذه المقتضيات الجديدة تمثل نقلة نوعية في الترسانة القانونية المغربية، وتعكس التزام المملكة الراسخ بحماية كرامة الإنسان ومكافحة الاستغلال بجميع أشكاله، بما يجسد النضج التشريعي والمؤسسي للمغرب في مواجهة التحديات الأمنية والحقوقية المعاصرة.