دراسات وأبحاث

فيضان النيل يجدد الأزمة بين مصر وإثيوبيا

السبت 04 أكتوبر 2025 - 03:31 م
نرمين عزت
الأمصار

فيضان النيل أو وفاء النيل، هي دورة طبيعية هامة في مصر منذ العصور القديمة، ويعني فيضان النيل أي أن النيل يمتلئ بالكم الكافي من المياه كل عام. 

ولكن فيضان النيل هذه المرة يختلف عن الفيضان العادي الذي يحتفل بها المصريون كعيد سنوي لمدة أسبوعين بدءاً من 15 أغسطس.اعتقادا بأن سبب فيضان النيل كل عام هو دموع إيزيس حزناً على وفاة زوجها أوزوريس.

لكن ما حدث مؤخرًا هو تعرض محافظتا البحيرة والمنوفية في دلتا النيل إلى فيضانات غمرت الأراضي الزراعية وبعض المنازل، خصوصًا في الأحياء التي بُنيت على رواسب التربة (مخاطر الانزلاق والتسرب).

وعلى مدى الساعات الأخيرة، أعلنت الحكومة المصرية أنه تم إطلاق كميات كبيرة من المياه من السد العالي بسبب الارتفاع المفاجئ في منسوب المياه، مما ساهم في تفاقم الفيضانات شمالاً.

كما حذرت الحكومة المصرية من أن الفيضانات قد تؤثر أوسع على المنوفية والبحيرة، وأصدرت توجيهات بالاستعداد واتخاذ إجراءات إخلاء للمناطق المعرضة للخطر.

مصر تُحمّل سد النهضة الإثيوبي (GERD) مسؤولية الفيضانات هذه، وتقول إن إدارة إثيوبيا لتصريف المياه كانت متهورة وغير منضبطة، وأنها لم تتعامل بالشكل المطلوب مع كميات المياه الزائدة.

ولكن إثيوبيا تدّعي أن السد ساعد في تقليل التأثيرات على السودان من الفيضانات، وأن بعض الفيضانات في السودان ناجمة أيضًا عن عوامل في روافد أخرى مثل النيل الأبيض.

والفيضانات كانت مفاجئة وغير معتادة من هذا القدر في دلتا النيل في أكتوبر، مما أثار تساؤلات حول إدارة السدود والتنسيق بين الدول المتشاطئة.

ويعد إطلاق كميات كبيرة من المياه من السد العالي يشير إلى أن النظام المائي في مصر تعرض لضغط كبير، ربما بسبب كميات مياه واردة تفوق التوقعات والتصريف المحدود في إثيوبيا.

كما هو الحال دائمًا، هناك اتهامات متبادلة: مصر تتهم إثيوبيا بالسلوك الأحادي، وإثيوبيا تدافع بأنها ساعدت في تخفيف التأثير في السودان.

الأضرار المادية والزراعية لا تزال تُحصى، ولم تتوفر حتى الآن أرقام نهائية دقيقة عن الخسائر، لكن من المؤكد أنها ليست بسيطة نظرًا لطبيعة الأراضي التي تأثرت.

الأزمة بين مصر وإثيوبيا

الأزمة بين مصر وإثيوبيا تدور في الأساس حول سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل الأزرق، أحد أهم روافد نهر النيل الذي تعتمد عليه مصر والسودان بشكل كبير في مياهها.

بدأت الأزمة عام 2011 عندما أعلنت إثيوبيا عن بناء سد النهضة لتوليد الكهرباء بطاقة قد تتجاوز 6000 ميغاواط، وهو أكبر مشروع مائي في أفريقيا.

مصر تعتبر أن السد يهدد حصتها التاريخية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب سنويًا)، التي تعتمد عليها بنسبة تفوق 95% من احتياجاتها المائية.

إثيوبيا تقول إن السد حق مشروع للتنمية ولن يضر دول المصب، وإنه ضروري لتوليد الكهرباء وتحقيق التنمية الاقتصادية.

نقاط الخلاف الرئيسية

1. مدة ملء خزان السد:

مصر تريد أن يتم الملء تدريجيًا حتى لا يتأثر تدفق المياه إليها.

إثيوبيا تريد ملء الخزان سريعًا للاستفادة من السد في توليد الكهرباء.

2. قواعد تشغيل السد في فترات الجفاف:

مصر تطالب باتفاق ملزم يضمن تدفقًا ثابتًا من المياه حتى في سنوات الجفاف.

إثيوبيا ترفض أن يكون هناك التزام قانوني صارم وتفضل اتفاقًا "إرشاديًا".

3. آلية حل النزاعات:

مصر تريد أن يكون هناك تحكيم دولي في حال الخلاف.

إثيوبيا ترفض تدخل أطراف خارجية في قراراتها السيادية بشأن السد.

المفاوضات

جرت جولات كثيرة من المفاوضات منذ 2011 بين مصر والسودان وإثيوبيا برعاية أطراف مثل الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والبنك الدولي.

لم تصل المفاوضات حتى الآن إلى اتفاق نهائي ملزم.

في سبتمبر 2025، استؤنفت المباحثات خلال اجتماعات إقليمية ودولية بعد توترات جديدة بسبب استمرار إثيوبيا في تشغيل السد من جانب واحد.

الموقف الحالي (2025)

إثيوبيا أعلنت الانتهاء من الملء الخامس للسد.

مصر عبّرت عن اعتراضها الشديد واعتبرت الخطوة إجراءً أحاديًا مخالفًا للقانون الدولي.

هناك تحركات دبلوماسية مصرية على المستوى الدولي، وملف السد عاد إلى مجلس الأمن للمرة الثانية.

رغم التوتر، كلا البلدين يؤكدان رفضهما للحل العسكري، مع تمسك كل طرف بمطالبه.