تستضيف العاصمة الدنماركية كوبنهاغن اليوم قادة دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة تعزيز الدفاعات الأوروبية في ظل تصاعد التوترات مع روسيا.
وترافق القمة إجراءات أمنية مشددة، حيث تحولت مدينة كوبنهاغن، والدنمارك بصفة عامة، إلى ما يشبه الحصن، لتأمين قمة الاتحاد الأوروبي غير الرسمية، المقررة اليوم الأربعاء، وقد تم نشر آلاف عناصر الشرطة وحظر استخدام المسيّرات المدنية، كما أرسلت دول من حلف شمال الأطلسي وخارجه تعزيزات إلى كوبنهاغن للمشاركة في المحادثات، والتي ستتبعها قمة أوسع للقادة الأوروبيين.
وقررت 4 دول أوروبية إرسال مدد عسكري إلى كوبنهاغن قبل القمة الأوروبية، للحماية من تحليق الطائرات المسيرة المجهولة التي عطلت حركة الملاحة الجوية قبل أيام، وتقول الدنمارك إنها روسية.
إذ أرسلت الولايات المتحدة معدات مضادة للطائرات المسيرة إلى الدنمارك التي تستضيف قمة أوروبية في الأول والثاني من أكتوبر/تشرين الأول، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الدنماركية الثلاثاء، بعد تحليق طائرات مسيرة مجهولة فوق البلاد.
وحلقت طائرات مسيرة مجهولة مؤخرا فوق عدد من المطارات في الدنمارك، مما أدى إلى إغلاق مطار العاصمة لفترة وجيزة، ومنشآت عسكرية.
ورغم عدم تحديد هوية الطائرات المسيرة، إلا أن رئيسة الحكومة الدنماركية اتهمت روسيا، وقالت رئيسة الوزراء، ميته فريدريكسن، إن "هناك دولة رئيسية تشكل تهديدا لأمن أوروبا، هي روسيا". فيما ترفض موسكو هذه الاتهامات.
وجاء في أجندة الاجتماع: "سيناقش قادة الاتحاد الأوروبي كيفية تعزيز دفاع أوروبا، لا سيما في ضوء الانتهاكات الأخيرة التي ارتكبتها روسيا للمجال الجوي في عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي".
وقالت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميت فريدريكسن: "أظهرت هذه الاستفزازات مرة أخرى ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بتسريع وتكثيف جهوده لبناء أوروبا قادرة على الاستجابة بشكل فعال ومستقل ومشترك للتهديدات المشتركة".
وأضافت: "يلتزم الاتحاد الأوروبي بتعزيز استعداداته الدفاعية بشكل حاسم بحلول عام 2030، وقد اتخذ إجراءات سريعة خلال الأشهر القليلة الماضية لتحقيق هذا الهدف. ويشمل ذلك تدابير لتعزيز قدراته الدفاعية، وزيادة التمويل في مجال الدفاع، وتطوير قاعدته الصناعية".
وخلال القمة، يتعين على الكتلة أن تقرر ما إذا كانت المفوضية أم الدول، ستقود المشاريع الدفاعية الرائدة، مثل ”جدار الطائرات بدون طيار“ على الجانب الشرقي الذي أعلنته السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي الشهر الماضي.
إذ تفضل الدول الكبرى، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، المزيد من الاستقلالية الوطنية، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ومن بين الأمور المطروحة للنقاش أيضًا كيفية تمويل مثل هذه المشاريع، حيث تفضل بعض الدول الأعضاء الديون المشتركة، بينما تفضل دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا، تمويل الإنفاق الدفاعي من خلال "SAFE"، وهو أداة مالية تبلغ قيمتها 150 مليار يورو تابعة للاتحاد الأوروبي لشراء الأسلحة.
وتريد الكتلة الإجابة عن هذه الأسئلة حتى تتمكن من وضع اللمسات الأخيرة على خارطة طريق لتسليح نفسها.
تعتقد المفوضية الأوروبية أنها وجدت ثغرة ذكية لتحرير الأصول الروسية الخاضعة للعقوبات من أجل ”قرض تعويضات“ بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، لكنها تحتاج لحشد الدول للمشاركة.
وفقًا لخطة المفوضية، سيتم دفع الأموال الروسية المجمدة منذ بداية الحرب إلى كييف كقرض بدون فوائد، على أن تسدده أوكرانيا فقط بعد أن تنهي موسكو حربها وتدفع تعويضات.
وعادةً ما تتطلب مثل هذه الخطوة الدراماتيكية موافقة بالإجماع من جميع دول الاتحاد الأوروبي، ولكن من غير المرجح أن توافق المجر وسلوفاكيا، حيث تربطهما علاقات ودية بالكرملين. وكذلك الحال بالنسبة لبلجيكا، حيث إن الأصول المجمدة مودعة في حساب مصرفي في بروكسل.
ورغم ذلك، لا تزال المفوضية تعتقد أنها قد تتمكن من تنفيذ خطتها بدعم من أغلبية، وتدفع بأن هذا المخطط سيعزز صناعة الأسلحة الأوروبية.
لكي تمضي أوكرانيا قدماً في طريقها نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، يتعين على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 27 دولة أن تعطي الضوء الأخضر.
هذا يمثل مشكلة، بالنظر إلى أن المجر تعهدت مراراً وتكراراً بعرقلة انضمام كييف.
ومن المقرر أن يطرح رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، إمكانية تعديل إطار التفاوض الخاص بالكتلة بالنسبة للبلدان المرشحة للانضمام، بحيث يسمح بفتح إجراءات الانضمام بالأغلبية بدلاً من الإجماع، متجنباً بذلك حق النقض الذي تمتلكه المجر.
وتم طرح هذا الاقتراح من قبل حلفاء كييف من قبل وحصل على موافقة المفوضية الأوروبية يوم الإثنين الماضي. ولكن من المرجح أن يتطلب موافقة بودابست، والأخيرة لا توافق على انضمام أوكرانيا.
كما يواجه هذا المقترح معارضة من عدة دول أخرى، منها فرنسا وهولندا واليونان، ومن غير المرجح أن يحظى بموافقة واسعة في الدنمارك، وفقًا لثلاثة دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي ومسؤول في الرئاسة الفرنسية تحدثوا إلى "بوليتيكو" شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المداولات الحساسة.
ولضمان أمن القمة، أعلنت الدنمارك الأحد أنها ستغلق مجالها الجوي أمام المسيّرات المدنية حتى الجمعة.
وتحسبا لأي هجمات هجينة أو عمليات تخريب، قررت البلاد الثلاثاء رفع مستوى الحماية الأمنية في منشآت الطاقة إلى الدرجة البرتقالية، وهو ثاني أعلى مستوى.
وبينما يتحدث القادة في القمة غير الرسمية المقررة اليوم، ترابط فرقاطة ألمانية في ميناء العاصمة الدنماركية، في استعراض للقوة الأمنية الأوروبية وعلامة على المزاج الحربي السائد في كوبنهاغن.
وقال متحدث باسم حكومة برلين في إفادة للصحفيين بشأن قمة الاتحاد الأوروبي إن ألمانيا سترسل نحو 40 جنديا إلى كوبنهاغن للمساعدة في الكشف عن الطائرات المسيرة وتحديدها والتصدي لها، مضيفا أن العملية ستستمر حتى السابع من أكتوبر وسيحمل الجنود المعدات المناسبة معهم.
كما قال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، في منشور على منصة "إكس"، في وقت سابق، إن السويد سترسل "أنظمة مضادة للطائرات المسيرة" بالإضافة إلى "عدد قليل" من أنظمة الرادار إلى الدنمارك.
وعن أعلنت فرنسا، فقد أعلنت أنها سترسل طائرة هليكوبتر عسكرية، بالإضافة إلى فريق مكون من 35 فردا سيتولى جوانب من أعمال مكافحة الطائرات المسيرة.