في ظلام الليل، وبين أصوات الانفجارات والصراخ، عاش «قطاع غزة» واحدة من أكثر لياليه دموية، حيث أمطر «جيش الاحتلال الإسرائيلي» الأحياء السكنية بغارات مُتواصلة، تاركًا خلفه عشرات القتلى والجرحى، وأُسرًا تمزقها النيران والفقد.
وفي هذا الصدد، قُتل (17) فلسطينيًا على الأقل وأصيب العشرات منذ منتصف الليل نتيجة «الغارات الإسرائيلية» المُستمرة على مناطق مُتفرقة في «قطاع غزة».
وأفادت مصادر فلسطينية، اليوم الأربعاء، بأن طائرات مُسيّرة إسرائيلية من نوع «كواد كوبتر» أسقطت عشرات العبوات الناسفة على أسطح منازل المواطنين في منطقة الصحابة بحي الدرج وسط مدينة غزة، ما ألحق أضرارًا جسيمة في الممتلكات.
كما قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة «الفلاح» في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، والتي تؤوي نازحين، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة عدد من أفراد الدفاع المدني أثناء محاولتهم إنقاذ الجرحى.
إلى ذلك استهدفت غارات إسرائيلية شقة سكنية في شارع الثورة بحي الرمال غربي غزة، فيما أعلن مستشفى شهداء الأقصى عن وصول جثمان القتيل «حسني أبو هويشل» إثر قصف منزله في مخيم البريج وسط القطاع.
كما طالت الغارات منازل لعائلات «أبو كميل» في حي الدرج، و«أبو هويشل» في مخيم البريج، و«الدعالسة» قُرب مسجد القسام في النصيرات، ما أسفر عن سقوط (13) قتيلًا وعدد كبير من الإصابات.
وتُواصل «الطائرات الإسرائيلية» منذ ساعات الليل وحتى صباح اليوم قصفها المُكثف لمناطق مختلفة من قطاع غزة، وسط تحذيرات من ارتفاع حصيلة الضحايا في ظل صعوبة وصول طواقم الإنقاذ إلى المواقع المستهدفة.
بين مطرقة الواقع الفلسطيني وسندان الرؤية الأمريكية الجديدة، تجد حركة «حماس» نفسها أمام خطة الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، لا تُصفّق لها، ولا تُسارع إلى رفضها. بل تتريّث، وتقرأ، وتفكّر… لأن الموقف، هذه المرة، قد يُغيّر الكثير، وربما يُعيد رسم خريطة الصراع بلون جديد، أو يُعيد إنتاجه بلون الدم.
وفي هذا الصدد، قالت «حماس»، إن وفدها سيدرس بمسؤولية عالية المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار، حسبما أفادت قناة «الجزيرة» القطرية عن مصدر مطلع.
ونقلت القناة القطرية عن المصدر المطلع، أن «مسؤولين من قطر ومصر وتركيا عقدوا اجتماعًا مع وفد حركة حماس المفاوض لبحث خطة ترمب»، مُشيرًا إلى أن «وفد حماس أكد خلال الاجتماع أنه سيدرس بمسؤولية عالية المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار».
وأضاف المصدر: أن «وفد حماس أكد أنه سيعمل على رد رسمي بأسرع وقت بعد انتهاء المشاورات مع الفصائل الفلسطينية»، مُؤكّدًا أن «اجتماع مسؤولين من قطر ومصر وتركيا مع وفد حماس جزء من نقاش فني لبلورة موقف نهائي من خطة ترامب».
وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، «محمد بن عبد الرحمن آل ثاني»، أفاد في وقت سابق، بأن الدوحة سلمت خطة ترامب لوفد حماس التفاوضي «وكان الحديث معهم في العموميات».
كما أشار موقع «أكسيوس» نقلًا عن مصدرين مطلعين، إلى أن قطر ومصر وتركيا حثّت حركة «حماس» على تقديم رد «إيجابي» على مقترح الرئيس الأمريكي لإنهاء الحرب في غزة.
وأعلن دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، أنه يمنح «حماس» مهلة من ثلاثة إلى أربعة أيام للرد على مقترحه، مُضيفًا أمام حشد من الجنرالات والأدميرالات في قاعدة مشاة البحرية الأمريكية بولاية فرجينيا: «نحن بحاجة إلى توقيع واحد فقط، ومن يرفض التوقيع سيدفع الثمن باهظًا. آمل أن يُوقّعوا لمصلحتهم وأن يفتحوا الباب أمام شيء عظيم».
وسط أجواء من الترقُّب والانتظار، تتصدر خطة الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» لإنهاء الحرب في غزة المشهد الدولي، بعد أن حظيت بدعم واسع من القوى العالمية. في الوقت الذي ينتظر فيه العالم رد حركة «حماس» على المقترح الأمريكي، تُلوح في الأفق فرصٌ جديدة لوقف نزيف الدم وتحقيق استقرار هش في المنطقة، وسط تساؤلات عن مدى جدية الأطراف في قبول السلام الحقيقي.