في عرض البحر، وبين السماء الزرقاء التي لا تعرف الحدود والمياه التي تنبض بالأمل، تُبحر سفن لا تحمل سلاحًا، بل طناً من الكرامة والإنسانية. على بُعد أميال من غزة الجريحة، يتقدم «أسطول الصمود» كنداء ضمير حيّ، مُتحديًا الخطر، حاملًا أرواحًا آمنت أن الإنسانية لا تُقاس بالقوة، بل بالإصرار على الوصول… والوصول هذه المرة يعني الحياة.
وفي هذا الصدد، أعلن «أسطول الصمود» العالمي، أن سفنه المُحمّلة بالمساعدات الإنسانية باتت على بُعد نحو (175) ميلًا بحريًا من سواحل غزة، مُطالبا بضمان مرورها الآمن مع اقتراب دخولها إلى المنطقة «الخطرة».
وقال القائمون على الأسطول، في بيان نُشر عبر منصة «إكس»: «نحن على بُعد (175) ميلًا بحريًا من غزة. تحذير هام: سندخل منطقة الخطر الليلة. سلامتنا تعتمد على مراقبة العالم».
وأضاف البيان: أن نشطاء وعمالًا حول العالم يستعدون لتحركات تضامنية واسعة للمطالبة بمرور آمن للأسطول نحو غزة، مُعتبرين أن «أي هجوم على الأسطول يُعد هجومًا على الشعب الفلسطيني».
إلى ذلك، أفادت هيئة البث الإسرائيلية «كان»، بأن أسطول الصمود البحري الذي يُحاول كسر الحصار عن قطاع غزة يقترب حاليًا من منطقة الاعتراض الإسرائيلية في المياه الدولية.
من ناحية أخرى، في مشهد يُعبّر عن رفض شعب يُعاني من تداعيات الحصار والقهر، خرج عشرات المواطنين في مدينة «مصراتة» الليبية، ليرفعوا صوتهم مُتحدين الهجوم الظالم الذي استهدف «أسطول الصمود العالمي» المتجه نحو غزة، في رسالة إنسانية واضحة تدعو إلى كسر الحصار ورفع المُعاناة عن أهل القطاع.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية والليبية، مُردّدين هتافات داعمة لمسيرة الأسطول ومُؤكّدين أنّ حمايته تمثل مسؤولية إنسانية وأخلاقية، وأن أي اعتداء عليه يُعد استهدافًا مباشرًا لحق الشعوب في الحرية والدعم الإنساني.
وحملت اللافتات شعارات تُؤكّد وقوف الشعب الليبي إلى جانب غزة، وتُشدد على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى سكان القطاع، في رسالة واضحة برفض أي محاولات لإفشال مسيرة الأسطول أو عرقلة مهمته الإنسانية.
في وقت تتفاقم فيه المُعاناة داخل «قطاع غزة»، وتشتد الحاجة إلى الإغاثة الطبية، أبحرت من «السواحل الليبية» بارقة أمل تحمل على متنها رسالة إنسانية سامية، ضمن «أسطول الصمود العالمي» الهادف إلى كسر الحصار وتقديم العون للمنكوبين.
وفي هذا الصدد، انطلقت، يوم الأحد، من العاصمة الليبية «طرابلس» عيادة طبية متكاملة على متن سفينة «عمر المختار» في مُهمة طبية إسعافية لدعم «أسطول الصمود العالمي» لكسر الحصار عن غزة.
وفي تصريحات صحفية، أكد الدكتور «محمد الأدغم» ممثل الجهاز الليبي للإسعاف الطائر، أن العيادة مُجهّزة لتقديم الرعاية الطبية اللازمة وأن الجهاز على أهبة الاستعداد لتقديم الخدمة والمعونة الطبية في أي وقت، سواء لطاقم السفينة أو لبقية السفن المشاركة في القافلة.
من جانبه، أوضح الدكتور «سفيان العاقل» المُكلف بمتابعة العيادة، أن الكشف الميداني على التجهيزات أظهر توافر كافة الأجهزة الحيوية بما في ذلك أجهزة إنعاش القلب وأجهزة التنفس الصناعي.
وأضاف «العاقل»، أن بعض النواقص تم توفيرها بدعم من جهاز إسعاف الطوارئ، من بينها نقالات وأدوية خاصة بالإنعاش القلبي، مُؤكّدًا أن العيادة باتت جاهزة تمامًا لتقديم الخدمة الطبية لطاقم السفينة وباقي السفن المشاركة في الأسطول.
وكان الدكتور «محمد الحداد» المنسق العام لسفينة «عمر المختار»، قد صرّح في وقت سابق، بأن السفينة تم تجهيزها بوحدة عناية فائقة تضم معدات طبية وأطباء متخصصين.
ونوه «الحداد» إلى أن «عمر المختار» تعد الأكبر حجمًا بين نحو (50) سفينة مشاركة في المُهمة، كما يُشارك في الرحلة (16) شخصًا من بينهم سياسيون ليبيون ونشطاء دوليون دعما للجهود الرامية إلى إنهاء الحصار على غزة وإيصال رسالة تضامن عالمية مع الشعب الفلسطيني.
من جهة أخرى، وسط تصاعد التوترات في المنطقة، أعلنت «إسبانيا» التزامها الكامل بالدفاع عن «أسطول الصمود العالمي» المُتجه إلى قطاع غزة، مُحذّرة «إسرائيل» من عواقب أي محاولة للتصدي له. هذا الموقف يعكس دعم مدريد للحق في التضامن مع «الشعب الفلسطيني» ورفض التصعيد العسكري.