في سياق تحركات دبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار الدولي حول الأزمة السودانية، كشف كاميرون هديسون، الدبلوماسي الأمريكي السابق والباحث الأول في برنامج أفريقيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، عن لقاء جمعه برئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، إضافة إلى عدد من معارضي الحرب الذين التقاهم بشكل منفرد خلال زيارته إلى الولايات المتحدة. وأوضح هديسون أن النقاشات التي جرت تناولت ضرورة استمرار مقاومة ما وصفه بمحاولات الإسلاميين للهيمنة على الحكم في السودان، مشيراً إلى أن هذه المسألة تمثل تحدياً محورياً في مسار الانتقال السياسي. اللقاء، الذي انعقد في مقر بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، يأتي ضمن جهود إدريس لتوسيع العلاقات الدولية والانفتاح على مراكز الفكر العالمية في ظل تعقيدات المشهد السوداني.
عبر منصة “إكس”، نشر هديسون تغريدة أعرب فيها عن امتنانه للوقت الذي خصصه له رئيس الوزراء السوداني، كما وجّه شكره للمدافعين عن الديمقراطية ومعارضي الحرب الذين التقاهم على انفراد. وأكد في تغريدته أنه ناقش معهم ضرورة التصدي لمحاولات الإسلاميين للسيطرة على مفاصل الدولة، إلى جانب التحديات الأمنية التي لا تزال قائمة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، والانهيار الاقتصادي الذي يعم البلاد، والحاجة الملحة إلى انتقال مدني حقيقي.
هذه التصريحات تعكس موقفاً واضحاً من هديسون تجاه طبيعة الصراع في السودان، وتسلط الضوء على رؤيته لمستقبل البلاد في ظل استمرار النزاع المسلح.
وبحسب ما أوردته وكالة السودان للأنباء “سونا”، فإن اللقاء بين إدريس وهديسون شهد تبادلاً مثمراً للآراء حول تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية في السودان، في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة. كما ناقش الطرفان سبل تطوير العلاقات الثنائية بين السودان والولايات المتحدة، لا سيما في مجالات التعاون السياسي والدبلوماسي والدعم الإنمائي.
ويأتي هذا اللقاء في وقت يشهد فيه السودان تحولات عميقة على المستويين الداخلي والخارجي، ما يجعل الحوار مع مراكز القرار الدولية أمراً بالغ الأهمية لضمان دعم المرحلة الانتقالية.
يُعد كاميرون هديسون من أبرز الشخصيات السياسية الأمريكية التي تبنّت موقفاً داعماً للجيش السوداني منذ اندلاع الحرب، حيث عبّر عن دعمه الصريح لموقف المؤسسة العسكرية في مواجهة قوات التمرد، وظل هديسون يتابع تطورات النزاع عن كثب، موثقاً حركة التسليح والدعم الذي تتلقاه قوات التمرد من دول إقليمية، كما نشر العديد من المقالات والدراسات التي تناولت أبعاد الصراع السوداني من منظور استراتيجي. هذا الموقف يعكس اهتماماً متواصلاً من قبل بعض الدوائر الأمريكية بالشأن السوداني، خاصة في ظل تعقيدات المشهد السياسي وتعدد الأطراف المتداخلة فيه.
من جانبه، شدد الدكتور كامل إدريس خلال اللقاء على أهمية الانفتاح على مراكز الفكر وصناع السياسات في الولايات المتحدة، مؤكداً أن السودان يتطلع إلى بناء شراكات استراتيجية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وأشار إلى أن الحوار مع المؤسسات الفكرية الأمريكية يمثل خطوة ضرورية لتعزيز الفهم المتبادل وتوسيع نطاق التعاون في المجالات الحيوية. هذه التصريحات تعكس رغبة الحكومة السودانية في إعادة تموضعها دولياً، وتأكيدها على أهمية العلاقات مع واشنطن في دعم الاستقرار الداخلي وتحقيق التنمية المستدامة.
في ختام اللقاء، عبّر الباحث كاميرون هديسون عن اهتمامه العميق بما يجري في السودان، مشيراً إلى أهمية دعم المرحلة الانتقالية وتعزيز فرص الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. وأكد أن السودان يمر بمرحلة دقيقة تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لضمان نجاح التحول الديمقراطي، مشدداً على أن الاستقرار في السودان لا يخدم فقط مصالحه الوطنية، بل يشكل عنصراً أساسياً في أمن واستقرار المنطقة بأكملها. هذه الرؤية تتقاطع مع توجهات عدد من مراكز الفكر الأمريكية التي ترى في السودان نقطة ارتكاز مهمة في معادلة الأمن الإقليمي.