تشهد عدة ولايات في السودان منذ ثلاثة أيام موجة فيضانات جديدة، وصفتها وزارة الري السودانية بأنها "خطيرة"، بعدما أصدرت إنذاراً أحمر يحذر من فيضانات واسعة.
ورغم ذلك، أكدت السلطات أن الخسائر حتى الآن تبقى محدودة مقارنةً بما شهدته البلاد في السنوات الثلاث الماضية، حين تسببت الفيضانات في مقتل المئات وتدمير عشرات الآلاف من المنازل والمرافق.
وأوضحت الوزارة أن منسوب النيل الأزرق شهد انحساراً نسبياً خلال الساعات الماضية، بينما ظل منسوب النيل الأبيض مرتفعاً، الأمر الذي أدى إلى غمر عدد من البيوت في مناطق جنوب الخرطوم مثل "الكلاكلة". كما تأثرت ولايتا سنار والجزيرة الواقعتان على ضفاف النيل الأزرق، من دون تسجيل خسائر بشرية حتى الآن.
الفيضانات الحالية أعادت إلى الواجهة الجدل بشأن دور سد النهضة الإثيوبي، الذي افتتح رسمياً في 9 سبتمبر/أيلول 2025 على النيل الأزرق قرب الحدود السودانية. فبينما يرى خبراء أن السد، الذي تصل سعته التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب، تسبب في تغيّر غير متوقع في أنماط الفيضان بعد ملء خزانه خلال موسم الأمطار، يعتبر آخرون أن الفيضانات الراهنة تكرار لموجات سابقة سبقت تشغيل السد، خصوصاً أنها تشمل مناطق على النيل الأبيض القادم من بحيرة فكتوريا في أوغندا.
وبحسب أحمد آدم، خبير السدود والوكيل السابق لوزارة الري السودانية، فإن الإيراد المائي الوارد من سد النهضة انخفض لأول مرة منذ افتتاحه من 738 مليون متر مكعب يوم الأحد إلى 699 مليون متر مكعب يوم الاثنين، مشيراً إلى أن ملء السد خلال فترة الخريف تسبب في فيضانات "غير معتادة" بسبب صعوبة التحكم في مستويات الأمطار.
في المقابل، أكد المهندس نبيل النوراني أن السودان يمكن أن يستفيد من سد النهضة إذا توافرت آليات تنسيق دقيقة بين الخرطوم وأديس أبابا، موضحاً أن التعاون في فتح بوابات السد وتنظيم التصريف كفيل بتحقيق مكاسب في مجالات الزراعة والطاقة، وتفادي الآثار السلبية على المناطق السودانية الواقعة على النيل الأزرق.
ويأتي هذا الجدل فيما لا تزال ذاكرة السودانيين مثقلة بفيضانات الأعوام الثلاثة الماضية، التي أودت بحياة المئات ودمرت آلاف البيوت، وهو ما يضاعف من المخاوف الشعبية من تداعيات أي خلل في إدارة السد الإثيوبي أو في التنسيق الإقليمي.