تشهد الأسواق السودانية أزمة حادة في الوقود بعد أن أعلنت السلطات ارتفاع أسعار البنزين والجازولين بشكل متتابع خلال الأسابيع الماضية، ما أسهم في تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين، وزيادة صعوبة التنقل في العاصمة الخرطوم والمدن الكبرى الأخرى.
وأفاد سكان العاصمة بأن المحطات تشهد طوابير طويلة وأزمات غير مسبوقة، وسط ارتفاع أسعار المواصلات وتعطل جزء كبير من خدمات النقل العام، حيث يضطر المواطنون أحياناً إلى قطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام بسبب انعدام الوقود. ويقول المواطن حسن عبد الرحيم من الخرطوم بحري: "الزيادة الحالية هي الثالثة خلال شهر واحد، والأزمة لا تقتصر على الوقود فقط بل تؤثر على جميع الأنشطة التجارية والخدماتية".
وجاءت الزيادة بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، إذ تجاوز سعر الصرف 3,500 جنيه مقابل الدولار الواحد، بينما بلغ في البنوك نحو 2,800 جنيه، ما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني ورفع تكلفة المستوردات.
ويضيف فاروق نصر الدين، أحد المتعاملين في قطاع الوقود بمدينة بورتسودان، أن ارتفاع سعر الصرف أدى إلى إحجام الشركات الموردة عن تزويد السوق بالوقود، ما أوجد حالة احتكار وسوق سوداء، حيث وصل سعر الغالون الواحد إلى نحو 25 ألف جنيه سوداني، مقارنة بـ 18 ألفًا قبل أسبوعين.
وأكد مسؤولون في ولاية الخرطوم أن الأجهزة التنفيذية والرقابية ستتابع تطبيق التسعيرة الجديدة لضمان الالتزام بها في جميع المحطات، لكن التحدي يبقى صعباً في ظل استمرار النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، الذي أدى إلى توقف إنتاج النفط واستهداف المصفاة الرئيسية في الجيلي.
ويشير المحللون الاقتصاديون إلى أن استمرار الحرب وارتفاع الدولار أمام الجنيه سيؤدي حتماً إلى زيادة إضافية في أسعار الوقود، ما سينعكس على كل القطاعات الاقتصادية، من النقل إلى التجارة والخدمات، مؤكدين أن الضغط على المواطنين سيزداد إذا لم تتدخل الحكومة لحل أزمة الوقود وضبط السوق.
وتحذر المصادر من أن استمرار الأزمة قد يفاقم من معاناة الأسر الفقيرة، ويؤدي إلى اضطرابات جديدة في حركة النقل والخدمات الأساسية في البلاد، ما يفرض على السلطات اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم المواطنين وتأمين احتياجاتهم.