دراسات وأبحاث

بريطانيا على أعتاب لحظة تاريخية.. ستارمر يستعد لإعلان الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين

الأحد 21 سبتمبر 2025 - 12:34 م
ابراهيم ياسر
الأمصار

يستعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للإعلان عن اعتراف بلاده رسميًا بدولة فلسطين، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية، وتعكس تحولًا واضحًا في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة تجاه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. 

انتصار قانوني لحملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا

وأكد نائب رئيس الوزراء، اليوم، أن القرار المرتقب سيُتخذ خلال الساعات المقبلة، ويأتي في إطار التزام الحكومة الجديدة بحل الدولتين كخيار وحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.

الاعتراف جزء من رؤية أوسع

قال لامي، في تصريحات صحفية صباح اليوم، إن الاعتراف بفلسطين لا يهدف إلى "خلق دولة بين عشية وضحاها"، بل يأتي ضمن "عملية سياسية ضرورية لإبقاء حل الدولتين على قيد الحياة". 

وأضاف:"نحن نؤمن بأن الاعتراف يجب أن يكون جزءًا من مسار سياسي شامل، يتضمن جميع الأطراف، ويضمن الأمن للإسرائيليين، والكرامة والحقوق للفلسطينيين".

وأشار إلى أن الحكومة البريطانية تُراجع سياستها الخارجية بالكامل بشأن النزاع، في ضوء التطورات الميدانية في غزة والضفة الغربية، وتصاعد الكارثة الإنسانية في القطاع.

ضغط داخلي ودولي متصاعد

ويأتي التحرك البريطاني وسط موجة من الضغوط الداخلية والدولية على حكومة ستارمر. فقد صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤخرًا، بأغلبية ساحقة لصالح مشروع قرار يدعم منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ما فتح الباب أمام اعترافات رسمية من عدد من الدول الأوروبية، أبرزها إيرلندا وإسبانيا والنرويج، بينما تدرس فرنسا اتخاذ خطوة مماثلة.

وعلى الصعيد الداخلي، يواجه ستارمر دعوات متزايدة من داخل حزبه ومن الشارع البريطاني لاتخاذ موقف حاسم، خاصة في ظل تزايد الانتقادات الدولية للانتهاكات الإسرائيلية في غزة.

بريطانيا.. تضامن واسع مع فلسطين في ذكرى النكبة | أخبار سياسة | الجزيرة نت

شروط بريطانية وتمسك بحل الدولتين

سبق لستارمر أن ربط الاعتراف بعدة شروط، كان قد أعلنها في يوليو الماضي، من بينها:

وقف إطلاق النار الكامل في غزة.

السماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود.

وقف التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.

وجود خارطة طريق سياسية تشمل كل الأطراف.

وأكد أن الاعتراف سيكون "جزءًا من عملية أوسع لإحياء المسار السياسي المتوقف، وإعادة الأمل لشعبيْن فقدا الثقة في الحلول التقليدية".

موقف إسرائيلي غاضب

رفضت إسرائيل بشدة الحديث عن أي اعتراف أوروبي بدولة فلسطين، وهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحكومة البريطانية، واصفًا الخطوة بأنها "تشجيع للإرهاب"، و"مكافأة لحماس".

 كما اعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الاعتراف من جانب واحد يُقوض فرص التفاوض ويمنح الشرعية لطرف "يرفض الاعتراف بإسرائيل".

تظاهرة حاشدة في لندن تضامنا مع فلسطين وتنديدا بدعم بريطانيا للصهاينة –  الوفاق

فرنسا تطلب منع رفع العلم الفلسطيني

في سياق متصل، ذكرت تقارير إعلامية فرنسية أن وزارة الداخلية أصدرت تعميمًا إلى البلديات تطلب فيه عدم رفع علم فلسطين على المباني العامة تزامنًا مع إعلان الاعتراف، وذلك بدعوى الحفاظ على "الحياد السياسي لمؤسسات الدولة". ومع ذلك، أقدمت بلديات مثل "مالاكوف" و"مونتروي" على رفع العلم، ما أثار جدلًا سياسيًا واسعًا في الداخل الفرنسي.

ما أهمية الاعتراف البريطاني؟

يشكّل الاعتراف البريطاني المرتقب تحولًا رمزيًا وسياسيًا كبيرًا، نظرًا للمكانة التاريخية والدبلوماسية لبريطانيا، ودورها السابق في إنشاء دولة إسرائيل من خلال "وعد بلفور". 

كما يُمكن لهذا الاعتراف أن يُشكّل ضغطًا سياسيًا على دول أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة، خاصة في أوروبا الغربية.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة لن تُغيّر الوقائع على الأرض فورًا، لكنها تُعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية، وتضع ضغوطًا متزايدة على إسرائيل للانخراط في مسار تفاوضي جاد، بعد شهور من الحرب المستمرة في قطاع غزة، وغياب أي أفق سياسي.

بريطانيا ستعترف رسميا بدولة فلسطين في سبتمبر ما لم تتخذ إسرائيل "خطوات  حاسمة لوقف التصعيد"

انتظار إعلان رسمي

من المتوقع أن يصدر كير ستارمر بيانًا رسميًا، في وقت لاحق اليوم، يُعلن فيه الموقف البريطاني بشكل واضح. ويترقّب الشارع البريطاني والمجتمع الدولي هذا الإعلان الذي قد يكون الأكثر أهمية في السياسة الخارجية البريطانية منذ سنوات، لا سيما مع اقتراب انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ورغم أن الطريق نحو السلام العادل لا يزال طويلاً، إلا أن الخطوة البريطانية المنتظرة قد تكون بداية تغيير حقيقي في قواعد اللعبة الدبلوماسية، وتفتح الباب لعودة المسار السياسي بعد سنوات من الجمود، والمعاناة، والدماء.