في مشهد يعكس ارتباكًا سياسيًا وتخبطًا في التصريحات الرسمية، يُواصل الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، إثارة الجدل بتصريحات مُتناقضة بشأن «عدد الإسرائيليين المحتجزين في غزة». فبين تضخيم مُفاجئ للأرقام وتقليل مُفاجئ لها، تجد الإدارة الأمريكية نفسها في مواجهة تساؤلات محلية ودولية حول دقة المعلومات، ومصداقية الخطاب الرئاسي في واحد من أكثر الملفات حساسية على الساحة الإقليمية.
وتبدو الفجوة واضحة بين التصريحات الأمريكية والإسرائيلية، إذ تُبقي «إسرائيل» موقفها ثابتًا بأن وضع المحتجزين لم يتغير، في حين يُغرق «ترامب» المشهد في غموضٍ إضافي، بتأكيده على «تحرير معظمهم» وتحديده رقمًا منخفضًا للناجين، ما يُثير الشكوك حول دقة المعلومات ودوافع تضاربها.
خلال حديثه من البيت الأبيض مساء أول أمس الجمعة، صرّح «ترامب»، بأن «هناك (32) قتيلًا، وربما أكثر، ربما (38)»، ثم قال في الجلسة نفسها: «لدينا ما يقرب من (40) رهينة ميتًا، كثير منهم يموتون في هذه الأنفاق المروعة، معظمهم من الشباب».
وبعد لحظات، ناقض الرئيس الأمريكي نفسه مُجددًا، قائلًا: «الشباب لا يموتون، فهم قادرون على التحمل، ربما يوجد عشرون رهينة على قيد الحياة، وربما أقل، معظمهم في الأنفاق، لكنني حررت بعضهم بالفعل، كما تعلمون، أفرجت عن معظم الرهائن، وما زال عشرون منهم على قيد الحياة».
لم يكتف ترامب بالحديث عن الأرقام، بل أضاف بُعدًا عاطفيًا حين تحدث عن لقاءاته مع أهالي بعض المحتجزين قائلًا: «تحدثتُ مع بعض الآباء، وهم يُريدون جثث أبنائهم الأعزاء، في مُعظم الحالات، هؤلاء شباب، يُريدون أبناءهم كما لو كانوا عائلات الرهائن الأحياء، إنه أمر مُحزن للغاية».
وأشار إلى أن بعض الأمهات توسّلن إليه لاستعادة جثامين أبنائهن، مُضيفًا: «إنه أمر مُروّع، يجب ألا ننسى السابع من أكتوبر».
وفيما يُطلق ترامب أرقامه المتناقضة، تُؤكّد إسرائيل لعائلات المحتجزين أنه «لم يطرأ أي تغيير على حالتهم»، وحسبما نقلت وسائل إعلام عبرية، فإن تصريحات الرئيس الأمريكي أيضًا، ومنها قوله الشهر الماضي إن «أقل من عشرين رهينة باقون على قيد الحياة بعد وفاة واحد أو اثنين»، قُوبلت بالنفي، وأوضح مصدر سياسي إسرائيلي بحسب «يديعوت أحرونوت»، أن «المعلومات المُقدّمة للعائلات لم تتغير».
قبل يومين فقط من حديثه الأخير، قال ترامب: «بقيت مجموعة صغيرة، وحماس تعلم أن تسليمهم يعني نهاية حياتهم على الأرجح، لذا، ليس من السهل القبض عليهم»، وأكد أنه «نجح في تحرير بعض الرهائن»، وأن «العدد المتبقي يُقارب العشرين، وربما أقل».
ولم يتوقف ترامب عند الأرقام، بل صعّد لهجته ضد حركة «حماس»، رابطًا ذلك بتقارير عن نقل المحتجزين خارج مدينة غزة لاستخدامهم كدروع بشرية، وكتب على حسابه بموقع «تروث سوشيال»: «قرأت تقارير تفيد بأن حماس نقلت المحتجزين إلى خارج المدينة وتستخدمهم كدروع بشرية، آمل أن يُدرك قادة حماس ما يُقحمون أنفسهم فيه إذا فعلوا ذلك، هذه فظاعة إنسانية، لا تدعوا هذا يحدث، وإلا فالأمر وارد، أطلقوا سراح جميع المحتجزين الآن».
وفي ظل التباين الصارخ بين «تصريحات الرئيس ترامب والموقف الإسرائيلي الرسمي»، يبقى ملف المحتجزين في غزة مُحاطًا بالغموض، وسط تساؤلات مُتزايدة حول دقة المعلومات، وخطورة توظيف هذا الملف الإنساني في سياق سياسي مُتوتر.