بين أنقاض البيوت المُنهارة وامتلاء المستشفيات بالضحايا، كانت الآمال مُعلّقة على قرار أُممي يُوقف نزيف الدم في «قطاع غزة»، إلا أن «أمريكا» وقفت مرة أخرى حجر عثرة أمام تلك المساعي الإنسانية.
وفي هذا الصدد، عرقلت «الولايات المتحدة»، يوم الخميس، مُجددًا مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتسهيل إيصال المساعدات والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقين.
وطالب القرار، الذي صاغه الأعضاء العشرة غير الدائمين في المجلس بـ«وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم في غزة»، وأكد مُجددًا الدعوات للإفراج الفوري عن جميع الأسرى الذين لا تزال حركة «حماس» تحتجزهم.
بالإضافة إلى ذلك، حث القرار إسرائيل على رفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وضمان توزيعها دون عوائق على المدنيين.
وخلافًا للفيتو الأمريكي، صوّت أعضاء مجلس الأمن الأربعة عشر الآخرون لصالح القرار.
وفي ظل استمرار التصعيد وتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، تبقى آمال المدنيين مُعلّقة على تحرّك دولي حقيقي يتجاوز العرقلة السياسية ويضع حياة الأبرياء في المقام الأول.
تتواصل «مآسي غزة» في ظل الحصار والاحتلال، حيث راح (99) فلسطينيًا ضحية يوم دام جديد من العنف. في الوقت الذي يُعاني فيه أهالي القطاع من النقص الحاد في الغذاء والدواء، لا تتوقف« آلة الحرب الإسرائيلية» عن طحن المزيد من الأبرياء في هذا الصراع المُستمر منذ عقود.
وفي هذا الصدد، أعلنت مصادر طبية، اليوم الخميس، عن ارتفاع حصيلة الضحايا الذين وصلوا إلى مستشفيات القطاع إلى (99) قتيلًا خلال أقل من 24 ساعة، في يوم دام جديد من الأيام الدموية منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
وأوضحت وزارة الصحة، أن (77) قتيلًا سقطوا في شمال القطاع حيث تركز القصف الأعنف. وهي المنطقة الأكثر تدميرًا والأشد اكتظاظًا بالنازحين.
شهود عيان وصفوا مشاهد «تفوق الاحتمال»، إذ استهدفت الغارات الإسرائيلية خيام نازحين ومنازل وأبراجًا سكنية، إضافة إلى تجمعات مدنيين كانوا ينتظرون المساعدات. أما داخل المستشفيات فبدا المشهد أكثر قسوة، عائلات تبحث بين الجثامين عن أبنائها، فيما يعمل الأطباء وفرق الإسعاف بأدوات محدودة لإنقاذ المصابين.
المصادر الطبية أكدت أن إجمالي عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 بلغ (65,062) ألف قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال، بينما ارتفع عدد الإصابات إلى (165,697) ألف. كما لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
ومنذ خرق إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي، قتل (12.511) ألف فلسطيني وأُصيب أكثر من (53) ألفًا آخرين.
وفي جانب آخر من المأساة، أعلنت وزارة الصحة، أن حصيلة ضحايا قصف تجمعات المساعدات ارتفعت إلى (2.500) قتيل وأكثر من (18) ألف مصاب. كما سجلت المستشفيات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية أربع حالات وفاة جديدة بسبب الجوع وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى (432) وفاة، بينهم (146) طفلاً.
كما أعلنت الأمم المتحدة، أن الهجمات الأخيرة تسببت في نزوح قسري لأكثر من (40) ألف شخص خلال يومين فقط. وقال المتحدث باسم الأمين العام، «ستيفان دوجاريك»، إن الوضع في غزة «يتدهور كل ساعة»، مُضيفًا أن «الطرق مزدحمة بالنازحين، الناس جياع، والأطفال يُعانون من صدمات نفسية».
وأشار «دوجاريك» إلى أن ما يقرب من (200) ألف شخص اضطروا للنزوح منذ منتصف أغسطس، مُعظمهم نساء وأطفال وكبار سن، يسيرون لساعات طويلة بحثًا عن مأوى آمن. كما حذّر صندوق الأمم المتحدة للسكان من أن آلاف النساء يلدن في الشوارع دون رعاية طبية أو مياه نظيفة، مُوضحًا أن نحو (23) ألف امرأة محرومات من الرعاية الصحية اللازمة، وأن (15) طفلًا يُولدون أسبوعيًا بلا مساعدة طبية.
وفي ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة، تزداد الآلام والدماء، لتظل الأرض الفلسطينية غارقة في المُعاناة. بينما يستمر الاحتلال في قصف المدنيين، يبقى السؤال الأهم: متى يتوقف نزيف الدماء؟ وهل سيجد المجتمع الدولي إرادة حقيقية لإنهاء هذا الصراع الدامي؟
«غزة» التي لم تزل تحمل جراحها من المواجهات السابقة، تعود اليوم لتشهد موجة عنف جديدة إثر غارات إسرائيلية مُكثفة، أودت بحياة (32) فلسطينيًا، من بينهم نساء وأطفال، في مشهد يعكس حجم المأساة الإنسانية التي يُعانيها السكان المُحاصرون.