في خطوة نوعية لمجابهة التحديات البيئية والمناخية، احتضنت تونس فعاليات المؤتمر الأول للتكيّف مع التغيرات المناخية من خلال الحلول القائمة على الطبيعة، الذي نُظم من 16 إلى 18 سبتمبر الجاري، بمبادرة من المركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد (CILG) وبالشراكة مع الجامعة الكندية للبلديات (FCM)، وبالتعاون مع وزارتي البيئة والداخلية في إطار برنامج العمل المناخي الدامج والشامل في البلديات التونسية (ACICT).
ويهدف المؤتمر إلى جعل الحلول المستندة إلى الطبيعة ركيزة أساسية في السياسات المناخية والبيئية، باعتبارها أدوات مبتكرة وفعّالة لتعزيز القدرة على الصمود أمام آثار التغيرات المناخية، ودعم التنوع البيولوجي والتنمية المحلية المستدامة. وقد جمع هذا الحدث نخبة واسعة من الخبراء والباحثين وممثلي المؤسسات الحكومية والبلديات والمنظمات غير الحكومية والسلطات المحلية، في إطار رؤية تشاركية لتبادل الخبرات والمعارف.
وتقوم الحلول القائمة على الطبيعة على استغلال النظم البيئية الطبيعية – مثل الغابات والسواحل والأنهار والمناطق الحضرية – لمواجهة التحديات المناخية. وتمتاز هذه الحلول بكونها منخفضة التكلفة وملائمة لخصوصيات كل بيئة، إضافة إلى دورها في تعزيز التضامن الاجتماعي ودعم التنمية الاقتصادية المحلية.
تضمّن برنامج المؤتمر جلسات حوارية، ورشات تدريبية وطاولات مستديرة، من بينها ورشة Living Lab التي هدفت إلى تطوير قدرات الفاعلين المحليين في مجال إدارة الموارد البيئية الغابية والساحلية والمائية.
كما تم العمل على صياغة وثيقة سياسات بمشاركة المنتخبين المحليين والخبراء وممثلي المجتمع المدني، بهدف إدماج الحلول البيئية ضمن الاستراتيجيات المحلية، مع مراعاة مبادئ المساواة بين الجنسين والإدماج الاجتماعي، واقتراح إطار قانوني ملائم يضمن تنفيذ التوصيات.
ويُنتظر أن يساهم هذا المؤتمر في تحقيق نتائج عملية أبرزها: دعم القدرات التقنية للفاعلين المحليين وخاصة النساء والشباب، تعزيز الحوكمة المناخية متعددة المستويات، إحداث شبكة وطنية لتبادل الممارسات الجيدة في مجال الحلول الطبيعية، إضافة إلى الاستفادة من التجربة الكندية في المواءمة بين التنمية المستدامة وحماية البيئة.
وبذلك، يجسد المؤتمر ديناميكية جديدة تقوم على اعتبار الطبيعة شريكًا أساسيًا في صياغة السياسات العمومية، بما يفتح آفاقًا أوسع أمام تونس للتأقلم مع التغيرات المناخية بطريقة عادلة وفعّالة ومستدامة.