تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان بشكل سريع، مع استمرار الأعمال العدائية في عدد من الولايات، وخاصة شمال دارفور وولاية الجزيرة، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين نحو مناطق غير مأهولة بحثًا عن الأمان، وسط شح في الموارد الغذائية والخدمات الأساسية.
شهدت مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، موجة قصف عنيفة خلال الأيام القليلة الماضية، أسفرت عن سقوط ستة قتلى على الأقل وعشرات الجرحى، وفقًا لما أكده ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة.
وأوضح دوجاريك أن الهجمات تسببت في توقف نقل المياه إلى المستشفى الوحيد في المدينة، وإغلاق المطابخ المجتمعية نتيجة نفاد الإمدادات الغذائية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم معاناة السكان الأكثر ضعفًا، مشددًا على ضرورة إنهاء الصراع وضمان حماية المدنيين.
وأشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن النزاع أثر على نحو 25 مليون شخص، أي ما يقرب من نصف السكان السودانيين، مع تعرض ملايين الأشخاص للجوع الحاد. وأضاف البرنامج أن نقص التمويل اضطره لسحب الدعم من بعض المناطق، بحيث لا يتلقى إلا شخص واحد من كل ستة محتاجين المساعدات الغذائية. وحذر من أن الأزمة تتجه نحو ذروة كارثية مع بدء موسم العجاف خلال شهر سبتمبر، مما يهدد ملايين الأشخاص بمزيد من الجوع الشديد.
ولا يقتصر تأثير الأزمة على الغذاء فقط، إذ تؤثر الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة في ولايات مثل الجزيرة والنيل الأزرق على المنازل والبنية التحتية، مما أدى إلى نزوح أكثر من 4000 شخص خلال يوم واحد وتدمير 550 منزلًا.
كما يحتاج أكثر من 800 ألف شخص عادوا إلى مناطقهم خلال الأشهر الأخيرة إلى دعم عاجل لإعادة بناء حياتهم ومنازلهم المدمرة.
وتؤكد التقارير الأممية أن الخدمات الأساسية في السودان تنهار، بما في ذلك الرعاية الصحية والمياه النظيفة والتعليم، وسط صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر تضررًا. ويواجه المدنيون تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية، مما يفاقم تداعيات النزاع ويزيد من هشاشة السكان.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أجرى رمضان لعمامرة، المبعوث الأممي للسودان، مشاورات في نيروبي مع الأطراف السودانية والمجتمع الدولي، مؤكدًا استعداده للعمل مع شركاء الأمم المتحدة الإقليميين، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، لاستئناف جهود الحوار بين الأطراف السودانية ووقف نزيف الأزمة الإنسانية، وضمان وصول المساعدات بشكل آمن إلى جميع المتضررين.