أحداث خاصة

تعاون ثلاثي بين تركيا وسوريا والأردن لإحياء الخط الحجازي

الأربعاء 17 سبتمبر 2025 - 01:22 ص
خلود مجدي
الأمصار

شهدت العاصمة الأردنية عمان نهاية الأسبوع الماضي اجتماعاً ثلاثياً جمع مسؤولين من وزارات النقل في تركيا وسوريا والأردن، تمهيدًا لاجتماع وزاري وشيك. 

الاجتماع لم يكن بروتوكولياً بقدر ما كان عملياً، إذ خرج بتوصيات جوهرية تستهدف إعادة رسم خريطة النقل والسكك الحديدية في المنطقة، على رأسها إحياء الخط الحجازي وتطوير مشاريع جديدة تفتح آفاقاً للتجارة الإقليمية والدولية.

تفعيل الخط الحجازي بدعم تركي

من أبرز ما خلص إليه الاجتماع، مقترح إحياء الخط الحجازي الحديدي الذي توقف منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. 

التوصيات نصت على أن تقدم تركيا دعماً لترميم الأجزاء المتضررة من الخط داخل الأراضي السورية، بينما يتولى الأردن عملية إعادة تأهيل القاطرات السورية وصيانتها، في إطار خطة متكاملة لإعادة تشغيل هذا الخط الحيوي.

كما تضمنت التوصيات إعداد دراسات لإنشاء خط سكك حديدية حديث بمواصفات عالمية، يربط الدول الثلاث بممرات التجارة الدولية، بما يجعل من سوريا والأردن محوراً رئيسياً في حركة العبور التجاري نحو الخليج العربي وأسواق أخرى.

أنقرة تؤكد التزامها بالمشروع

وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو، استغل مشاركته في حفل وضع حجر أساس خط قارص ( إغدير – أراليك – ديليوجو) شرق تركيا، ليؤكد أن بلاده ماضية في دعم مشاريع النقل الإقليمي. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول إن أنقرة خصصت 120 مليون دولار لإعادة تأهيل خط (غازي عنتاب- حلب)، مشيرًا إلى أن الأضرار في الخط الحجازي أقل حجمًا، ما يجعل إصلاحه أسرع وأقل كلفة.

الوزير التركي شدد أيضاً على أن بلاده ترى في مشاريع السكك الحديدية داخل سوريا أولوية، وهو ما أكده في لقاء سابق مع نظيره السوري بمحطة الحجاز في دمشق، حين تحدث عن إعادة تأهيل الخطوط الواصلة بين شمال سوريا ومدينة حلب. 

وقد تجلى ذلك مؤخراً مع تشغيل أول رحلة قطار بين حلب وحماة في أغسطس الماضي بعد توقف دام 13 عامًا.

الخط الحجازي.. إرث تاريخي ودور حيوي

الخط الحديدي الحجازي، الذي دشّن قبل 117 عامًا في العهد العثماني، لم يكن مجرد مشروع نقل، بل أداة إستراتيجية لربط إسطنبول بأطراف الدولة العثمانية، وتقليص زمن رحلات الحج إلى الحجاز. ورغم توقفه في سوريا منذ عام 2011 بفعل الدمار والنهب الذي ألحق أضرارًا بنحو 40% من بنيته التحتية، إلا أن الأردن حافظ على استمرارية تشغيله ضمن نطاقه الجغرافي.

في الأردن، يقسم الخط إلى قسمين: شمالي مخصص للرحلات السياحية والتعليمية والعائلية، وجنوبي يتركز نشاطه على نقل الفوسفات من مناطق الإنتاج في الشيدية ومعان إلى ميناء العقبة، وهو نشاط يعود إلى عام 1974 ويشكل شريانًا لوجستيًا مهمًا للصادرات الأردنية.

أبعاد اقتصادية وسياسية

إعادة تأهيل الخط الحجازي وربطه بالسكك الحديدية التركية يفتح الباب أمام شبكة إقليمية حديثة تعزز التجارة وتسرّع عمليات إعادة الإعمار في سوريا. 

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تكلفة إعادة الإعمار ستتجاوز 400 مليار دولار، وهو ما يجعل من المشاريع المشتركة فرصة ذهبية لأنقرة التي تمتلك شركات مقاولات ذات خبرة واسعة عالميًا.

تركيا اليوم تحتل المرتبة الثانية عالميًا بعد الصين في عدد شركات المقاولات الكبرى، إذ تضم 45 شركة ضمن قائمة "إي إن آر" لأفضل 250 شركة مقاولات. 

وقد نفذت هذه الشركات مشاريع بقيمة 21 مليار دولار خلال العام الماضي وحده، وأكثر من 138 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1972.

مستقبل التعاون مع سوريا والأردن

رغم غياب أرقام دقيقة لمشاريع الشركات التركية في سوريا منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، إلا أن المؤشرات تؤكد حضورًا فاعلًا لها على الأرض، وسط توقعات بأن تحظى بنصيب الأسد من عقود إعادة الإعمار.

كما يتوقع مجلس المصدرين الأتراك أن يتجاوز حجم التجارة مع سوريا 3 مليارات دولار قريبًا، في ظل تسهيل حركة عبور الشاحنات وفتح 9 معابر حدودية، ما يعيد لدمشق دورها التاريخي كدولة عبور تجاري رئيسية.