في مشهدٍ يعكس حساسية التوازنات الإقليمية وتشابك المواقف حيال القضية الفلسطينية، أعلنت «إيران» تحفظها على البيان الختامي الصادر عن «قمة الدوحة»، التي عُقدت، أمس الإثنين، بمشاركة عدد من القادة العرب والإقليميين. ورغم انضمامها إلى الإجماع على البيان، حرصت طهران على التأكيد أن ذلك «لا يُعد بأي حال اعترافًا بإسرائيل»، في رسالة مُبطّنة تعكس قلقًا واضحًا من أي مُقاربة سياسية قد تُفهم على أنها تزحزح من ثوابت الموقف الإيراني تجاه الاحتلال، أو تُضفي شرعية على حل الدولتين بالشكل المطروح.
رسائل «إيران» بدت محسوبة، ومواقفها جاءت ضمن إطار رفضها لأي «تأويل سياسي» يُستغل لفرض وقائع جديدة على حساب «القضية الفلسطينية»، في وقت تزداد فيه الضغوط على العواصم الإقليمية لاتخاذ مواقف واضحة من مبادرات التسوية.
وفي هذا الصدد، أوضحت طهران، بشأن البيان الختامي لقمة الدوحة وما تضمنه من «الاعتراف بإسرائيل» في حل الدولتين، مُؤكّدة أن الانضمام إلى الإجماع بشأن هذا البيان «لا يجب أن يُفهم أنه اعتراف بإسرائيل».
جاء في بيان الخارجية الإيرانية حول مسألة الاعتراف بإسرائيل في بيان الدوحة: «إن انضمام إيران إلى الإجماع بشأن هذا البيان لا يجب أن يُفهم، لا صراحةً ولا ضمنًا، على أنه اعتراف بهذا الكيان بأي شكل من الأشكال».
وأضافت الخارجية الإيرانية حول بيان القمة الطارئة للدول العربية والإسلامية: «فيما يتعلق بالحل الدائم للقضية الفلسطينية والمبادرات المطروحة بشأن تنفيذ حل الدولتين وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة، وكذلك مبادرة السلام العربية التي وردت في عدة بنود من البيان، تُؤكّد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن ما يسمى بـ«حل الدولتين» لن يحل القضية الفلسطينية».
واعتبرت الخارجية أن الحل الحقيقي والدائم يكمن في «إنشاء دولة ديمقراطية واحدة يتم تشكيلها عبر استفتاء عام يُشارك فيه جميع الفلسطينيين – سواء داخل الأراضي المحتلة أو خارجها – وبما يضمن تمثيل الشعب الفلسطيني بأكمله».
وفيما يخص «مسألة الاعتراف بالكيان الإسرائيلي»، تُؤكّد إيران مُجددًا أن الانضمام إلى الإجماع بشأن هذا البيان لا يجب أن يُفهم، لا صراحةً ولا ضمنًا، على أنه اعتراف بهذا الكيان بأي شكل من الأشكال، بحسب بيان الخارجية.
وعلى صعيد «الوساطات ودور الولايات المتحدة»، أكد بيان الخارجية الإيرانية، أن طهران تُثمّن الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة قطر ومصر للتوصل إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار، وتُؤكّد في الوقت نفسه أن السياسات والإجراءات الأمريكية قد أدت عمليًا إلى استمرار ودعم اعتداءات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
واختتم بيان الملاحظات، أنه بالنظر إلى هذه الحقيقة، ترى «إيران»، أن الولايات المتحدة لا يُمكن اعتبارها طرفًا موثوقًا أو مُحايدًا في دفع عملية سلام عادلة ومستدامة في هذا الصراع.
وبين سطور «التحفظ الإيراني»، تتبدّى حسابات دقيقة تتجاوز مجرد رفض صيغة دبلوماسية، لتُعبّر عن موقف راسخ ضد أي محاولة لتطبيع غير مباشر أو تمرير صيغ يُمكن تأويلها كاعتراف بإسرائيل. في المقابل، يعكس بيان «قمة الدوحة» بما حمله من تباين في اللهجة والمواقف حجم التحدي الذي تُواجهه المنطقة في إنتاج موقف عربي إسلامي مُوحّد تجاه القضايا الجوهرية، وفي مقدّمتها «القضية الفلسطينية». أما إيران، فستبقى حريصة على تثبيت حضورها السياسي في المشهد الإقليمي، لكن دون التنازل عن خطابها الثابت، ولو كلّفها ذلك أن تعترض... حتى من داخل الإجماع.